للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموطن السابع: لمَّا استأثر الله برسوله تَطَلَّعَ الناس إلى رَأْسٍ يَقُومُ عليهم، وخَلِيفَةٍ له يَسُوسُهم، فمَرَجُوا وماجوا، وانحازت الأنصار يطلبون الأَمْرَ أو بعضه، وتَخَلْخَلَ المهاجرون، واجتمعوا إلى أبي بكر وقالوا له: "أرسل إلى الأنصار قبل أن يَعْقِدُوا أمرًا، فقال: بل نأتيهم في ناديهم، ونَفْجَأُهم في مكانهم" (١)، فسار إليهم مع من كان معه، وحضر بينهم وخطب خطبته المشهورة، ونثر لؤلؤه المكنون، وأبان الحق باليقين، وكشف لَبس الظنون، وانعقدت له البيعة حسنة مُقَرَّرَةٌ؛ عن نظر صادق، وفكر صائب، ودليل ظاهر.

روى الترمذي - ورواه النسائي أيضًا - واللفظ له (٢): عن سالم بن عُبَيد (٣) - وكان من أهل الصُّفَّةِ - قال: "أُغْمِيَ على (٤) النبي في مرضه، فأفاق فقال: أَحَضرَتِ الصلاة؟ فقلن: نعم، فقال: مُرُوا بلالًا فليؤذِّن، ومُرُوا أبا بكر فليُصَلِّ بالناس، قالت عائشة: إن أبي رَجُلٌ أَسِيفٌ، قال: إنكن صواحبات يوسف، مُرُوا بلالًا فليؤذن، ومُرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس، فأَمَرَ بلالًا أن يؤذن، وأَمَرَ أبا بكر (٥) أن يصلي بالناس، فلما أُقيمت الصلاة قال النبي: أُقِيمَتِ الصلاة؟ قلن: نعم، قال: ادعو لي إنسانًا أعتمد عليه، فجاءت بَرِيرَةُ ورَجُلٌ آخَرُ، فاتَّكأ عليهما، فلمَّا رآه أبو بكر ذهب لينكص، فأومأ إليه أن اثبت مكانك، حنى قضى أبو بكر صلاته، ثم إنَّ رسول الله


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) سقط من (ك).
(٣) في طرة بـ (ك): في خـ: عَبْدٍ، وصحَّحه.
(٤) في (د): عن.
(٥) في (ك): أبو بكر.