للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتبذت به مكانًا قَصِيًّا، رغبة في الاختفاء، وحِرْصًا على السِّتْرِ، إذ (١) لم يُمْكِنْ (٢) إفشاءُ ذلك إلى أَحَدٍ لغلبة الظنون الفاسدة على الناس.

ولمَّا أخذها الطَّلْقُ قالت: ﴿يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ [مريم: ٢٣]، خَوْفُ العار من الخلق، وقد علمت الآيَةَ من الحق.

وقد قيل: "إنما قالت ذلك شَفَقَةً على قومها من ذهاب أديانهم عند سوء مقالتهم؛ لئلا تصيبهم عقوبة من أجلها" (٣).

وقد قال بعضهم: "إن معناه: يا ليتني مت قبل أن أسمع أن عيسى وَلَدُ الله، وأنِّي زَوْجُه" (٤).

ويحتمل أن يكون المَلَكُ لمَّا ألقى إليها أَمْرَ الغلام أعلمها بجميع أَمْرِه أو بجُمْلَةٍ منه.

وقد قيل: "إنها قالت ذلك حين أصابها الطَّلْقُ وصارت إلى شِدَّتِه، بعد ما كانت فيه من الرِّفْقِ" (٥).

وقد قيل: "إن قولها (٦): ﴿يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ﴾، تعني (٧): قبل أن يتعلق قلبها بسَبَبٍ" (٨)؛ لأنها كانت فارغة القلب إلَّا عن الله.


(١) في (د): إذا.
(٢) في (ص) و (ب): يكن.
(٣) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٢٤).
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٢٤).
(٥) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٢٤).
(٦) في (ك) و (ص) و (ب): قوله.
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): يعني.
(٨) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٢٥).