للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما تعلق قَلْبُها بولدها ونفسها أنكرت حالها الأوَّل، ورأت أنها غيرها: ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا﴾ (١)، بكَسْرِ الميم؛

قيل: جبريل (٢).

وقبل: عيسى (٣).

فإن كان جبريل فمعناه: أن النداء جاء من تحت؛

وإن كان المنادي من فوقها - وإن كان بفتح الميم - فالمُنَادِي عيسى: ﴿أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ (٤) [مريم: ٢٣ - ٢٥].

والذي عندي: أن قائل ذلك كله جبريل، وقَوْلُ عيسى يأتي بعد هذا إن شاء الله.

فسَكَّنَ هذا الكلام ما كان بها من القلق، وأَذْهَبَ ما أصابها من الفَرَقِ، وقوَّى قَلْبَها عمَّا كان فيه من الضعف، وأمَّنها ممَّا كانت تخاف من العار أو (٥) المكر.

ولمَّا هزَّت بجِذْع النخلة وتَسَاقَطَ عليها الرُّطَبُ الجَنِيُّ تشابهت الأحوال؛ فإن الذي أَخْرَجَ منها عيسى من غير أَبٍ قَادِرٌ على أن يُخْرِجَ


(١) بعده في (ك) و (ص) و (ب): ﴿أَلَّا تَحْزَنِي﴾ [مريم: ٢٤].
(٢) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٢٥)، وتفسير الطبري: (٥/ ٥٠١ - التركي).
(٣) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٢٥)، وتفسير الطبري: (١٥/ ٥٥٣ - التركي).
(٤) في النسخ: لا تحزني.
(٥) في (ص): و.