للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: ١٤]؛ أخبر أن جُرْمَهم وإن كان عظيمًا فإنه داخلٌ في عظيم حِلْمِه، وأن الله ينتقم لأوليائه ما لا ينتقم لنفسه، فهؤلاء الكفار يقولون فيه ما يستحيل وجوده ولا يحِلُّ ذِكْرُه، وهو يُعَافِيهم ويرزقهم، ولكن ما يتعلَّق به حقوق أوليائه - وخاصَّة رسول الله - فإنه عظيم عنده (١).

ثم قال: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ الآية، بالغ في الشكاية عنهم بما فعلوه من إذاية رسول الله وعائشة، وآل أبي بكر، وجميع المؤمنين.

ثم قال: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٥] وحَقُّ المؤمن ألَّا يستعظم طاعة ولا يستصغر معصية، ولكن ينظر إلى من عَصَى ومن خالف وإلى أمر من ضيَّع، فقد قال العلماء: "إن يسير (٢) الزلَّة إذا (٣) لاحظها العَبْدُ بعين الاحتقار عَظُمَتْ وأحبطت كثيرًا من الأحوال، وقد يستحقر اليسير من الطاعة فيكون (٤) فيها نجاته" (٥).

ثم قال: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾ [النور: ١٦]، سَمَاعُ الغِيبَةِ مِثْلُ الغِيبَةِ؛ لأنه تَتْمِيمٌ لقصد القائل، وإبلاغٌ له أمله (٦).


(١) ينظر: لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩٨).
(٢) في (ص): أَن يستر.
(٣) في (د): إذ.
(٤) في (ك): تكون.
(٥) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩٨ - ٥٩٩).
(٦) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩٩).