للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ قال: ﴿سُبْحَانَكَ﴾، أي: تنزَّهت وتَعَالَيْتَ.

فإن قيل: وأيُّ تَسْبِيحٍ هاهنا للباري؟

قُلنا: فيه أعظم تسبيح وتقديس له، وذلك تنزيهُ فِرَاشِ (١) نَبِيِّه عن المعصية، وهو يتعالى ويتقدَّس عن أن يُدَنَّسَ (٢) فِرَاشُ (٣) رسوله.

قال ابن عباس مُعَلِّمًا لهذه المسألة ومُبَيِّنًا لهذا التوحيد حين سمع قول الله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠]، قال: "يعني: كفَرَتَا، والله ما بغت امرأةُ نبِيٍّ قَطُّ" (٤).

فيجب أن يقول القائل إذا سمع مثل هذا: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾.

ثم قال: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ١٧].

قال بعضُ المُفَسِّرِينَ: "تعلَّق بهذا قَوْمٌ في أن مَن بَسَطَ لسانه في عائشة بعد هذا لم يكن مؤمنًا بظاهر هذه الآية، ولَعَمْرِي إنَّ قائل ذلك مُرْتَكِبٌ (٥) كبيرةً، ولا يخرج عن الإيمان بذلك" (٦).


(١) في (ص): قرائن.
(٢) في (ص): تَدْنَسَ.
(٣) في (ص): قرائن.
(٤) تفسير الطبري: (٢٣/ ١١٢ - التركي).
(٥) في (ب): لمرتكب.
(٦) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩٩).