للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّابع والثلاثون: قوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ (١)

قد بيَّنَّاها في "الأحكام" (٢)، وهذه رُخْصَةٌ من الله في قَطْع المواصلة الظاهرة بين الكفَّار والمؤمنين، ويَجْرِي ذلك بين العُصاة والطائعين.

ومن أصل الدين الموالاةُ في الله، والمعاداةُ في الله، إلَّا عند الضرورة، فتجعل صحبة الكافر أو الظالم وِقَايَةً لما تحذره من المضرَّة.

ثمَّ قال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾؛ وهذه للعلماء.

فأمَّا جملة الخلق فقيل لهم: "اتقوا النار، واتقوا العذاب، واتقوا القيامة"، فإيَّاكم أن يأمن أحدُكم مَكْرَ الله، ولا يخطر ببال بَشَرٍ منكم أنه يخفى عليه شَيْءٌ من أمركم، أو يَقْبَلُ إلَّا الخالص منكم، أو يعرفه أَحَدٌ حقَّ معرفته، أو يَعْلَمُ ما استقرَّ في علمه من خاتمة العمد وعاقبته.

الخامس والثلاثون: قوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ (٣)

يعني: عيسى ، اتخِذوا وِقَايَةً من امتثال ما جئتكم به عن الله، واجتناب ما نهيتكم عنه، وفي الطاعة أَوْفُوا (٤) بعَهْدِ الله كُلِّه؛ على جميع وجوهه وفصوله.

فإنَّ ﴿مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى﴾ [آل عمران: ٧٦]- وهو السَّادس والثلاثون - أي: اتَّقى نَقْضَ العهد، وحَلَّ العقد، والتقصير بالحق، وقام


(١) [آل عمران: ٢٩].
(٢) أحكام القرآن: (١/ ٢٦٨).
(٣) [آل عمران: ٤٩].
(٤) في (ك) و (ب): وفوا.