للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأتونه من ذلك الإصلاح، ويجتنبوا المَيْلَ، فما وقع بعد ذلك فهو مغفور، وإن أحسنوا واتقوا الإساءة والتقصير فإنَّ الله خبير بجميع ذلك، لا يخفى عليه منه شيء، ولا يضيع عنده عمل.

الثالث والخمسون: قوله: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ (١).

أخبر سبحانه في هذه الآية أن وصيته للجميع التقوى؛ فأمر الكلَّ بالرجوع إليه، ومجانبة من سواه، والوقوف عند حدوده؛ بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وهذا هو الدين كله والخير أجمع.

الرَّابع والخمسون: قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (٢)

لو خُلِقَ العَبْدُ وحده لكان له في اتخاذ الوقاية بينه وبين نفسه شُغْلٌ شَاغِلٌ، فكيف وقد ابتُلِيَ بغيره، وأمر بالتقوى معه ومنه، ولكن كذلك - أيضًا - توجه على الغير مثل ما توجَّه عليه، فلذلك قيل له: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾، وخاصَّة إذا كانَا مرتبطين بسبب زوجيَّة، أو شرِكَةٍ، أو وِلَايَةٍ، أو صُحْبَةٍ، لمَّا أرسل النبيُّ معاذًا وأبا موسى إلى اليمن قال: "يسِّرا ولا تعسِّرا، وبَشِّرَا ولا وتُنَفِّرَا، وتَطَاوَعَا ولا تختلفَا" (٣).

وقوله: ﴿الْبِرِّ﴾: يعني: ما أمرتم به، ﴿وَالتَّقْوَى﴾: يعني: ما نُهيتم عنه، ويَدْخُلُ أحدُهما على الآخر في عموم الأمرين.


(١) [النساء: ١٣٥].
(٢) [المائدة: ٣].
(٣) سبق تخريجه.