للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام الحافظ (١): لم يَبْقَ في ذلك المشهد أَحَدٌ ممَّن فَرَّ إلَّا تاب الله (٢) عليه، فقوله: ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾، يعني: هؤلاء الذين قد شاء أن يتوب عليهم، ولم يضمن ذلك لغيرهم من الذين يفعلون مثل فعلهم بقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ أي: بعد الفرار من الكفَّار مطلقًا، إلَّا (٣) من هؤلاء المعيَّنين، وقد قال: ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ١٧]، يعني: كل من رجع إلى ربه ولام نفسه واعترف بذنبه قبل معاينة الآخرة وأشراطها الأربعة المعيَّنة؛ التي بيَّنَّاها في كتاب "الأحكام" و"الأصول (٤) " (٥).

وقال: ﴿وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٧٣].

أخبر سبحانه أن عَرْضَ الأمانة كان ليُعَذِّبَ الله المنافقين والمنافقات، ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات (٦)، فأفاد ذلك أنه لابد من الذنب، ويتوب الله بعد ذلك على من يشاء من العاصين، ولم يذكر العابدين ولا الصالحين.

فيا أيُّها العاصي لعلك أن تكون في جملتهم فيُتاب عليك فتلحق بدرجتهم، أو تترك كما أنت فتزهق عن مرتبتهم.


(١) في (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي ، وفي (ب): قال الإمام أبو بكر بن العربي .
(٢) لم يرد في (ك) و (ص) و (ب).
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): لا.
(٤) بعده في (ك) و (ص) و (د): وهي، وبعدها بياض.
(٥) المتوسط في الاعتقاد- بتحقيقنا-: (ص ٤٦٦ - ٤٦٨)، وينظر: الناسخ والمنسوخ: (٢/ ١٥٤ - ١٥٧).
(٦) سقط من (ك) و (ص) و (ب).