للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٧].

والمراد هاهنا: قَبِلَ توبتهم، وكذلك في أوَّل الآية في قوله: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾.

فأمَّا توبته على النبي فقد بيَّنَّاها في تأويل قوله: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة: ٤٣]، وكان النبيُّ أَخَذَ بظاهر الحال على تفصيلٍ تقدَّم، فعفا عنه ربُّه وعاتبه.

وأمَّا توبته على الذين كانوا معه فلِمَا أصابهم من الجوع والعطش، هَمُّوا بالانصراف ثم ثبتوا، كما قال الله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ١١٨]، فتدارك قلوبهم بالثبات فكانت تلك توبته عليهم، وهكذا (١) سُنَّةُ الله مع أوليائه؛ إذا (٢) قاربوا التَّلَفَ تداركهم (٣).

وأمَّا توبته على الثلاثة فبِصِدْقِهِمْ واعترافهم؛ فإن الإقرار والاعتذار يُذْهِبُ الإصرار، ويُخَلِّصُ من النار، كما قال: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم﴾ [التوبة: ١٠٢]، وقد تقدَّم.

وفي (٤) الحديث الصحيح: "إذا قال العبدُ رب اغفر لي قال الله: عَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب، قد غفرت له" (٥).


(١) في (ك) و (ص): هذه.
(٢) في (د) و (ص): إذ.
(٣) لطائف الإشارات: (٢/ ٧٠).
(٤) في (د): في.
(٥) سبق تخريجه.