للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (١) [النساء: ٧١ - ٧٢] كأن لم يكن بينكم وبينه مودة.

فتقديرُ الآية (٢): طرحوا جلباب الحياء، وأسقطوا حُرْمَةَ الأخوَّة، فقالوا: كان لم يكن بينكم وبينه مودة ولا صحبة، أو قالوا: كذا وكذا، كما يقول الذين ليس بينكم وبينهم (٣) مودة.

فإن شئت أن تُقَدِّرَ النفي للمودة أوَّل الكلام، وإن شئت آخِرَه، وإن شئت وسطه، وهو الأفصح، كما في جاء في القرآن، لسِرٍّ بيَّنَّاه في "عِلْمِ النَّظْمِ" (٤) الذي نبَّهناكم عليه.

المعنى: كأنه لم تثبت قط بينكم وبينهم (٥) معرفةٌ. تقتضي حقوقًا مرعية، ولا خُلْطة تُوجِب عُلْقَةً نفسية، ومَيْلًا بحكم الآدمية؛ التي تقتضي رِقَّةَ الجِنسية، فكيف إذا اتَّصلتْ بأسباب شرعية؟

وهكذا (٦) المودة إذا كانت لغير الشَّرْعِ زهقت بأقل سبب، قال الله تعالى ﴿وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ [العنكبوت: ٢٥] الآية.


(١) في (د): "قال: كأن لم يكن بينكم وبينه مودة، قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدًا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيمًا، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة".
(٢) في (ص) و (ك) و (ب): فتقدير الآية هذا المعنى.
(٣) في (ص): ولا بينهم.
(٤) في اسم "المتقي"، وهو الاسم الذي سبق هذا.
(٥) في (د): بينه.
(٦) في (ص): هذه.