للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى: إن هذه المودة التي بينكم إنما هي في الحياة الدنيا؛ دار الغفلة، ومَحَلِّ المحنة، ومَعْدِنِ الجهالة، ومأوى الاغترار، ومحل الإمهال، ومجال الشيطان، حتى إذا انكشفت الحقائق بالقيامة انقلبت بُغْضًا، وهذا كثيرٌ في القرآن، فاجْمَعْه بالقانون إن احتجت إليه، فلا تعول على العداوة فيها ولا على المودة، وإنما يُعَوَّلُ على مودة الشرع، قال الله سبحانه: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣].

فقد (١) ترون إبراهيم لم تنفع أباه (٢) قرابتُه، ولا مُحَمَّدًا لم تنفع عمَّه صِلَتُه وحمايتُه، وقال الله (٣): ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً﴾ (٤)، وعسى للتجويز والرجاء والتوقع، حتى يُظهر (٥) الله ما (٦) عَلِمَ، وينفد ما حكم، وقد تقدَّم كثيرٌ من معانيها في اسم "المُحِبِّ"، و (الأخ)، و (الصاحب)، فلا وجه لإعادته.

قال الأمام الحافظ (٧): وكما للمَرْءِ اسمُ العاصي والفاسق قبل (٨) التوبة، فله بعدها المُطِيع العادل، قال الله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْقاسِفُونَ


(١) في (ص): ألا.
(٢) في (د): إيَّاه.
(٣) في (ك) و (ب) و (ص): ولعل الله أن، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.
(٤) في (د): "عسى أن يجعل بينكم وبين من عاديتم منهم مودة"، وفي (ص) و (ك): لعل.
(٥) في (ك) و (ب) و (ص): يظهر.
(٦) في (ص): منهم ما علم.
(٧) في (ك): قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٨) في (د): يقبل.