للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأثنيتُ عليه بما هو أهله، لم قلت: أمَا والله لئن قلت لكم: إني لم أفعل، والله يشهد إني لصادقة، ما ذلك (١) بنافعي عندكم، لقد تكلَّمتم وأُشْرِبَتْهُ قلوبكم، ولئن قلت: إني قد فعلت، والله يعلم أني لم أفعل، لتقولنَّ إنها قد باءت به على نفسها، ولئن قلت: إني لم أفعل؛ لا تصدقوني، فما أجدُ لي ولكم مَثَلًا، قالت: والتمستُ اسم يعقوب فلم أقدر عليه، فقلتُ: إلَّا أبا يوسف حين قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨]، قالت: وأُنزل على رسول الله من ساعته فسكتَ (٢)، فرُفِعَ عنه وإني لأتبيَّن السرور في وجهه، وهو يمسح جبينه ويقول: أبشري (٣) يا عائشة؛ قد أنزل الله براءتك، قالت: وكنت أشد ما كنت غَضَبًا، فقلت: بحمد الله لا بحمدك، فقال لي أبواي: قُومِي إليه، فقلتُ لهم: لا، والله لا أقوم إليه ولا أحمده ولا أحمدكما، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيَّرتموه" (٤).

فانظروا إلى جزالة عائشة وفصاحتها وسَعَةِ علمها، وعظيم توحيدها لربها ومُنَّتها في نفسها، لله دَرُّها ورضوانُ الله عليها، إنها لخَيْرُ نساء زمانها.

والذين تِيبَ عليهم: حَمْنَةُ بنت جحش، مِسْطَحُ بن أُثاثة، حسَّان بن ثابت، وقد انضاف (٥) إليهم جماعة، حتى كانوا عُصْبَةً كما قال الله، منهم


(١) في (د): ذاك.
(٢) في (ص) و (ب) و (ك): فسكتْنا.
(٣) في (د): البشرى.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب التوبة، بابٌ في حديث الإفك، وقبول توبة القاذف، رقم: (٢٧٧٠ - عبد الباقي).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): انضافت.