للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام الحافظ (١): وإذا سأل المغفرة فليقرن بها سؤال الرحمة، كما فعل الكليم في شأنه وشأن أخيه هارون، وكما علَّم النبي للصِّدِّيق؛ فإن المغفرة إسقاطُ الحق الواجب عليكم، والرحمة إفاضة الإحسان إليكم بجزيل الثواب وكريم المآب، ودخول الجنة، والنظر إلى وجهه الكريم.

وفي الحديث الصحيح: "إن الله خلق مائة رحمة، بثَّ منها في الخلق واحدة؛ فبها يتراحم الخلق، وبها ترفع البهيمة حافرها عن ولدها، فإذا كان في القيامة انتزعها منهما وردَّها إلى التسعة والتسعين وبثَّها في الخلق" (٢).

وفي الصحيح: "إن رحمتي غلبت غضبي" (٣).

ومن الحديث الحسن: "أنَّ النبي نزل في بعض مغازيه فألفى أحدُ أصحابه وَكْرًا، فأخذ فراخه فلفَّها في كسائه، فأقبلت أمهن فاستدارت علي، فكشفتُ لها عنهن فوقعت عليهن، فجئتك بهن، فأمر النبيُّ بردها مع فراخها إلى مكانها، وقال: أترون رحمة هذه بأولادها؟ فالله أرحم من هذه بأولادها" (٤).

فإن قيل: وكيف رَدَّهَا النبيُّ إليها وهو أَمْرَّ قد يسَّره الله لواجده؟

قلنا: أجاب الناس عن ذلك بجوابين:

أحدهما: أن الحيوان كان ممَّا لا يؤكل؛ كَذِي مِخْلَبٍ من الطير، وهذا الجواب على قول (٥) من يرى تحريمها.


(١) في (ك): قال الإمام الحافظ ، وفي (ب): قال الإمام ، وفي (ص): مال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي .
(٢) سبق تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سقط من (ك) و (ب) و (ص).