للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك كان طَيِّبًا في الحياة أيضًا، ففي حديث جابر بن عبد الله أنه قال: "رأيتُ من النبي ثلاثًا؛ لو لم يأت بالقرآن لآمنتُ به، خرجنا سفرًا فمررنا بحي من العرب، فخرجت إلينا جارية كأنها فِلْقَةُ قَمَرٍ، قالوا: إنها مجنونة، فقال له النبي : يا عدو الله، اخرج عنها، قال: فغطَّت وجهها في الحال، واستحيت وانصرفت، وبَيْنَا نحن نسيرُ إذ عرض لنا ثعبان عظيم، فخرج إليه النبي فأعطاه أُذنه، فناجاه مَلِيًّا، فلمَّا رجع النبي قلنا: ما هذا يا رسول الله؟ قال: ذلك رسول الجن؛ نَسُوا سورة فجاء يَسْتَذْكِرُنِيهَا، ونزلنا منزلًا فقال لي: يا جابر؛ اذهب إلى تينك الشجرتين فاقرأهما منِّي السَّلام، ومُرْهما أن يسيرا إلي، ويثبتا (١) علي ويستران حتى أقضي حاجتي، فذهبت فبلَّغت كلامه، فأقبلتا تخرقان (٢) الأرض، حتى التقيا (٣) عليه، فلمَّا قضى حاجته رجعتا (٤) إلى مكانهما، فجئت لأتبلع (٥) ما يخرج (٦) منه فلم أجده، فأخبرته فقال: أما علمت يا جابر أنَّا معشر الأنبياء تواري الأرض ما يخرج منا" (٧).

وأمَّا طيب مدفنه فإن أبا بكر الصديق لمَّا جاءه فقبَّله وقال: "بأبي أنت وأمي، طبتَ حيًّا وميتًا، قال الناس له: كذا، قالوا له: كذا، قال: أله


(١) في (ك) و (ص) و (ب): وينثنيَا.
(٢) في (ك) و (ص): تخترقان، وفي (ب): تحرثان.
(٣) في (ك): التقتا.
(٤) في (د): التقيا عليه ورجعنا.
(٥) في (ك) و (ص): لأبتلع.
(٦) في (ك) و (ص): خرج.
(٧) أخرجه الخطيب في رواة مالك، ينظر: سبل الهدى والرشاد: (١١/ ٣٧٧).