للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قدَّمنا أن ابن العربي لم يقل ما فهمه هذا الغماري، ولكن الرجل يزيد فيقطع ويقول: "إن ذلك لا يوجد في كتاب" (١).

وما ذكره الإمام الحافظ ابنُ العربي هنا لم ينفرد به، بل سُبِقَ إليه، وهو هنا حَاكٍ وليس بمُنْشِئٍ، قال الإمام بعد الجليل الرَّبَعِي - في تفضيل عائشة -: "واستدلُّوا على ذلك بكونها مع النبي في الجنة، ورُتْبَتُها معه أفضل من رتبة فاطمة مع عَلِيٍّ فيها" (٢).

فإذًا هو قول معروف، استدلَّ به من قال بأفضلية عائشة على فاطمة، وإن كانت المسألة متجاذبة، ولكنه قول قد قيل، وله ما ينزع إليه من حجة ودليل، ولكن هذا الغماري بدل أن يبحث ويتثبَّت إذا به يقذف الإمام ابن العربي بما هو براءٌ منه، وينسبه إلى ما لا يليق به ولا بأحد من أهل العلم.

فابنُ العربي في تفسيره لتلك الآية أورد الأقوال التي قِيلَتْ فيها، أو التي يصح أن تندرج فيها، وكانت عِدَّةُ الأقوال التي ذكرها اثني عشر قولًا، ولكن الغماري أراد أن يُدَلِّسَ على الناس بما فهمه هو، وليس بما قاله ابنُ العربي؛ فحكى ما فهمه، وطوى مقالة ابن العربي، وهذا هو الكذب الصراح، والافتراء على الناس؛ وإنما فعل ذلك ليصح له تكفيرُ ابن العربي، وليصوره عند الناس بأنه لا وزن له، وبأنه منسلخ من الإسلام والإيمان، وأنه مع المنافقين في الدركات، فيا لله ويا للمسلمين من هذا الباطل.


(١) السفينة: (ص ١٢).
(٢) التسديد شرح التمهيد لعبد الجليل: (ق ٩٣/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>