للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن دلائل سقم هذا الفهم أن ابن العربي ذكر ألوانًا وأنواعًا من الرفع، لا يمكن أن يفهم منها مقابلها أبدًا ولا مفهومها المخالف، وذلك أنه ذكر من بين تلك المقالات أن الله يرفع مُحَمَّدًا (١)، فهل يعني هذا أنه يخفض غيره من الأنبياء؟ معاذ الله، وحاشا لله، وذَكَرَ أن الله يرفع القرَّاء إلى حيث انتهت قراءتهم (٢)، فهل يعني ذلك أنه يخفض غير القراء؟

يزيده تأكيدًا: أن الإمام ابن العربي ذكر في موضع آخر ما يخالف بعض الشيء ما ذكره هنا، ويؤكد أن هذا القول إنما ساقه على سبيل ما قيل في هذه الآية لا غير، وأنه لا يُفهم منه ما فهمه الغماري أو ما زعمه، قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي بعد ذكره لما جرى بين فاطمة وأبي بكر وعلي : "والثلاثة مع رسول الله؛ إخوانٌ على سُرُرٍ متقابلين" (٣).

فهل بقي بعد قول الإمام أبي بكر مقالة لصاحب هوى أو شُنْعَةٌ لذي غرض؟ هذا يُظهر أن فاطمة مع والدها مولانا رسول الله ، ومعها أبو بكر وعلي .

ولم يقف الأمرُ عند هذا الحد، بل قال الإمام الحافظ: "وهذا الذي جرى بينهما لا تدركه حسناتنا، فكيف أن يَعُدَّه جاهل من سيئاتهم؟ ومن يكون المخذول الذي يتربَّع بين هؤلاء الثلاثة فيتكلم؟ حاشا لله وللمجد وللدِّينِ أن يكون في ذلك لأحد جَدٌّ، بل الجَلْدُ والحَدُّ" (٤).


(١) سراج المريدين: (١/ ٣٦١).
(٢) سراج المريدين: (١/ ٣٦١).
(٣) سراج المريدين: (٣/ ٤٠٢).
(٤) سراج المريدين: (٣/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>