فهذا هو حُكْمُ الإمام الحافظ فيمن يتكلم في فاطمة وعلي وأبي بكر رضوانُ الله عليهم، يحكم فيه بالجلد والحد؛ لمنزلتهم عنده، هذا قوله الذي قاله في كتابه، فهل رآه الغماري وطوى ذِكْرَه ودَلَّسَ أمره وأخفى موضعه فلم يُظهره؟ كل ذلك جائز، فإذا كان صحيحًا ظهر أن غَرَضَ الغماري هو الافتراء، وأنه فعل ما فعل قاصدًا ومُدَبِّرًا لأمر، فأظهر بعض الكتاب وأخفى آخَر، وتلك خصال أهل الأهواء وأصحاب الأغراض، والله حسيبُه فيما فعل وصنع.
ولم يقف الأمرُ عند هذا الحد حتى قال شقيقه عبد العزيز الغماري:"ومن يشك في كفر من يُفَسِّرُ القرآن بمثل هذا فهو كافر"(١)، هكذا قال، لم يكتف بتكفير الإمام ابن العربي حتى أضاف إليه تكفير من شَكَّ في كفره، نعوذ بالله من الهوى.
وأمَّا ما زعمه الغماري من كون الإمام ابن العربي كان يناصب العداء لآل بيت النبي ﷺ فهي من أوابده وصنائعه، وقد اتهم بالنصب علماء جِلَّةً، منهم: الإمام ابنُ حزم الظاهري، قال فيه - وفي الأندلسيين وفي جماعة من العلماء -: "وإن كان الأندلسيون كلهم أو نواصب على دين ملوكهم بني أمية؛ إلَّا أنهم يستترون ولا يجترؤون على التصريح بما في نفوسهم، ولا سيما في الطعن في علي والحُسَين وفاطمة ﵈، بل هذه الجرأة ما عهدناها إلَّا في ابن حزم الخبيث من الأندلسيين، وفي ابن خلدون من المغاربة، وابن تيمية وطائفته من أصحابه الشوام، وأتباعه وأذنابه المقلدة له على سائر الأقطار، إلى يومنا هذا، الذين هم الخوارج