للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه منزلة علي عند ابن العربي، وهي دالة على عظيم رتبته، وجليل موضعه، وأنه من السَّابقين الأُوَلِ، ويظهر بهذا أن ما أشاعه الغماري ما هو إلا محض افتراء وكذب واختلاق.

وقال في شأن الفتنة الحاصلة بين علي ومعاوية: "ولو أدركتُ الحال في صبوتي لكنتُ مع عمَّار وعَلِيٍّ، ولو أدركته في مشيختي للزمتُ غنمي أو ضيعتي، ولخاصمت معاوية مع علي، وأنا لهما مُحِبٌّ ومُعَظِّمٌ، ولعَلِيٍّ مُقَدِّمٌ؛ لعظيم منزلته، وعُلُوِّ درجته، وإن أحدًا بعد الثلاثة الخلفاء لا يدرك شأوه، ولا يلحق منزلته، ولا خلافة بعده" (١).

وقد قدَّمنا قول الإمام ابن العربي في الحُسَين ، وفسَّرنا ما أشاعه ابنُ الأحمر في كتابه "بيوتات فاس"، وبيَّنا ما اختلقه في كتابه هذا؛ في فَصْلٍ خاصٍّ بذلك، وقد قال ابنُ العربي في شأن خروج الحُسَين : "وبهذا التأويل خرج الفاضلان الحُسَين بن علي وعبد الله بن الزبير" (٢).

وقال أيضًا: "ولو أن عظيمها وابن عظيمها، وشريفها وابن شريفها الحُسَين؛ يسعه بيته، أو ضيعته، أو إبله .. ما أدري ما هذا إلا التسليم لقضاء الله، والحزن على ابن رسول الله بقية الدهر" (٣).

فهذا قَدْرُ الحُسَين عند ابن العربي، وهذه فجيعته فيه، وثناؤه عليه، وموضعه عنده، ولكن الناس لا يعلمون.


(١) سراج المريدين: (٢/ ١٩٥).
(٢) العارضة: (٨/ ٦٤).
(٣) العواصم: (ص ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>