للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمرٌ آخر نذكره يؤكد ما ذكرنا؛ من شهادة أقرانه وتلاميذه وحفَّاظ الإسلام، وهو أن الحافظ من اجتمعت فيه ثلاث شرائط، وهي (١):

الأولى: الشهرة بالطلب، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف.

الثانية: المعرفة بطبقات الرواة ومراتبهم.

الثالثة: المعرفة بالتجريح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم؛ حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحضار الكثير من المتون.

وهذه الشرائط الثلاثة قد احتوى عليها الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي واتَّصف بها، وخالطت لحمه ودمه وعظمه، حتى عُرِفَ بها وشُهِرَ بفصولها.

فهو أحد مشاهير الرواة الآخذين عن شيوخ الوقت، وسماعه للأصول من الصحاح والسنن والمسانيد والأجزاء ممَّا طبَّق الآفاق، وتواتر ذِكْرُه عند العلماء، حتى قال الحافظ ابن بشكوال: "وقدم إشبيلية بعلم كثير؛ لم يدخله أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق" (٢).

وأما معرفته بطبقات الرواة فيكفي النظر في كتاب "العارضة"، و"الأحكام"، و"تخليص تلخيص الطريقتين"، و"ترتيب المسالك"، حتى يعاين مبلغه من العلم بهذا الفن.


(١) النكت على ابن الصلاح: (١/ ٢٦٨).
(٢) الصلة: (٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>