للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تمييزه الصحيح من السقيم فهي مسألة منثورة في كتبه كلها، وقد ذكر ابن العربي الكثير من ذلك هنا كما قدَّمنا، وكما يأتي، وشهد له بها الغماري نفسه، قال: "وهؤلاء كابن العربي المعافري وتلك الطبقة؛ من الفقهاء، والأصوليين، والمتكلمين؛ الذين لهم مشاركة في الحديث، ومعرفة بصحيحه من سقيمه" (١).

وبعد هذا يكون ابن العربي قد استحق هاتين المرتبتين؛ مرتبة الحفظ، ومرتبة النقد؛ بشهادة العلماء، وبالخصال التي استحوذ عليها واتَّصف بها.

ثم ما ذكره الغماري من كون بضاعة ابن العربي في الحديث مزجاة؛ يَرُدُّه قوله الذي حكاه بعد، قال: "لا يكاد يتعدَّى في معرفة المتون ما في الموطأ والصحيحين وبعض السنن الأربعة".

وهل من يعرف أحاديث هذه الكتب يقال فيه: إن بضاعته في الحديث مزجاة؟

قلتُ: ونَقْدُ قوله هذا من وجوه:

الأوَّل: قال الغماري: "وبعض السنن الأربعة"، وكأنه أدخل معها "سنن ابن ماجه"، ولم يَرْوِ ابنُ العربي "سنن ابن ماجه"، فلا يصح أبدًا أن يذكرها ضمن مسموعاته ومعلوماته، وقد تكرَّر منه هذا في مواضع، ويأتي مزيدُ بيان له فيما يستقبل من نقده.


(١) در الغمام: (ص ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>