للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: مروياتُ ابن العربي كثيرة جدًّا، بعضُها لم يكن للمغاربة معرفة بها ولا مشاهدة لأصولها حتى أدخلها إلى الأندلس، وبعضها سمعها منه الناس، وتواتر ذلك عند حَمَلَةِ العلم ونَقَلَتِه، وقد ذكر ذلك عياضٌ في ترجمته، وذكره غيره من العلماء، حتى صنَّف ابن الأبَّار في أصحابه وتلاميذه معجمًا حافلًا في ذلك، نثره في "التكملة"، وأفاد منه ابنُ عبد الملك في "ذيله".

وقد ذكرنا بعض هذه الكتب التي جلبها وسمعها، فتنظر في قُطْبِ الصنعة الحديثية، وتنظر في أواخر السِّفْرِ الرابع من "السراج" (١).

الثالث: وما زعمه من كونه يُنكر الأحاديث الصحيحة المشهورة، فهي صحيحة عند الغماري أو عند البعض، ضعيفة عنده، وما العيبُ في أن يستقلَّ إمام حافظ بنقْدِ أحاديث مشتهرة على الألسنة لا يرى هو صحتها؟

الرابع: ولم يسلم حافظ من حفاظ الإسلام من الاستدراك، فهذا البخاري استُدرك عليه، وكذلك مسلم، وغيرهما، فما العيبُ في أن يقول ابنُ العربي قولًا في حديث، ولم نعلم العصمة لأحد من الناس؛ حاشَا الأنبياء، ولكن الغماري يقول ما لا يُفهم، ويعترض بما لا يكون.

الخامس: وغالبُ اعتراضه يكون من جهة عدم فهمه لكلام ابن العربي، وأُبَيِّنُ ذلك بمثالين:

أحدهما: أن ابن العربي يُفَرِّقُ بين الصحيح وبين الحسن، وعندما يقول: لم يصح حديث في الباب، لا يعني أنه لم يثبت بطريق حسن، وقد قدَّمنا بعض الأمثلة على ذلك.


(١) سراج المريدين: (٤/ ٣٩٩ - ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>