وغالبُ تنقيدات الغمارية من هذا القَبِيل؛ نَقْدٌ بلا نَقْدٍ، وعِلْمٌ بلا فهم، ودعاوَى باطلة، وافتراءٌ مع التهويل، وإخفاءٌ للمحاسن، وكتمانٌ للمزاين.
السَّادس: قال الغماري: ويكفيك أنه ادَّعى في موطأ إمامه أنه أصح الكتب!
قلت: وما أراد عيبه به هو من مناقبه لا من مثالبه، ولكن الغماري لانحرافه عن الإمام مالك ﵁ يقول ما قال، ولم يعلم الغماري أن ما قاله الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي هو الذي عليه المعوَّل، وهو المعتبر عند مالكية المغرب، فأي عيب في أن يختار إمام مجتهد لنفسه ويصطفي من الأقوال، والمسألة كما يعلم الغماري متجاذبة، ولكنه كما قيل قديمًا: اسم يَهُولُ بلا جسم، وترجمة تَرُوقُ بلا معنى، وإليك ما قال الأحبار في خصوص هذه المسألة، وهو:
السَّابع: قال الإمام ابن مرزوق التلمساني: "الموطأ هو الأوَّل المقدَّم؛ كما ذكره الحافظ أبو بكر بن العربي في مقالته التي أجلبُها بعد - إن شاء الله تعالى -، وهو المنقول عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ﵁، وغيره من الأئمة الأعلام؛ لشهرة تَقْدِمَةِ الموطأ ببلادنا، وأوَّليته في الفضل عندنا، وهو أمر معلوم في أقطارنا، معروف عند كبارنا وصغارنا"(١).
فما أنكره الغماري يعلمه الخاص والعام، والصغير والكبير، ولكن الغماري يُمَارِي، ويحسب أنه ينقد ويُجَارِي.