للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبَيْنَا (١) نحن نأكل، وقد تجاذبنا ذَيْلَ الحديث، فطَفِقَ بعض الطلبة يقول: نأكل ونشبع والمحتاجون على ما هم عليه، ما (٢) أدري كيف هذا؟ فقلتُ له على استحياء من الشيخ، وقد علمتُ أنه لا يستقلُّ بالجواب، ويغلط بقلة المعرفة: "اعلموا أنه لا يمكن أن نَعُمَّهم نحن بأموالنا، ولا يلزمنا أن نكون على مِثْل (٣) حالهم مع ما عندنا، أمَا (٤) إنه لو أمكن أن يأخذ كُلُّ واحد من الأغنياء واحدًا أو اثنين حتى ينفذ المحتاجون، لكانوا قد قضَوا ما عليهم من الواجب.

والدليلُ عليه: أن زمان النبي كان الصحابة فيه يشدُّون على بطونهم الحجارة من الجوع (٥)، ويُقِيم سعد بن أبي وقاص عشرين ليلة طاويًا، حتى قال: "مشيتُ ليلة فوجدت تحت رَحْلِي حيوانًا يمشي،


(١) في (د): فبيننا.
(٢) في (ص): وما.
(٣) في (ص): مثال.
(٤) في (ص): فأما.
(٥) منه حديث أبي هريرة : "وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع"، أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق، باب كيف كان عيش النبي وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، رقم: (٦٤٥٢ - طوق)، وفي معناه كذلك: حديث أبي طلحة : "شكونا إلى رسول الله الجوع، ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله عن حجرين"، قال أبو عيسى: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، جامع الترمذي: أبواب الزهد عن رسول الله ، باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي ، رقم: (٢٣٧١ - بشار)، وهو في الشمائل لأبي عيسى: (ص ١٠٣).