للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهجمت عليه فازدرتُّه من قبل أن أعلم ما هو، فلقد أقام صُلْبِي ورفوف الأنصار مملوءة من التمر، والشَّحْمُ مدَّخرة عندهم" (١)، ومن المهاجرين من كان مثلهم؛ قليلٌ جدًّا، ولم يُلزم النبي أَخْذَ أموالهم قَسْرًا منهم ليعود بها على الفقراء، ولكنه كان الدَّهْرَ (٢) يندب إلى المواساة غنيَّهم، ويحضُّ على الصبر فقيرَهم، ويُعَرِّفُهم بما لهم عند الله من المنزلة على الأغنياء والمزيَّه فيهم.

ويموتُ المَيِّتُ من المهاجرين فلا يجد وليُّه ما يُكَفِّنُه فيه إلَّا نَمِرَةً، إذا غَطَّى بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غَطَّى رجلَيه بَدَا رأسُه، فقال النبي : "غَطُّوا بها رأسه، واجعلوا على رِجْلَيْه من الإِذْخِرِ" (٣).

ولكن مع هذا لم يكن أَحَدٌ من المحتاجين يموتُ جوعًا، ولا كان يُغْنَى إِغْنَاءً كاملًا (٤)، ولكنه كان يُرَمَّقُ (٥) ويُسَيَّر (٦)، ويُتعاهد بالافتقاد، وما تركوا قطُّ أحدًا (٧) يموت هُزْلًا، وإن استمرَّ به الجوع وَقْتًا".


(١) لم أجده بعد البحث الشديد.
(٢) قوله: "كان الدهر" سقط من (د).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه عن خَبَّابٍ : كتاب المغازي، باب غزوة أُحُدٍ، رقم: (٤٠٤٧ - طوق).
(٤) في (ص): تامًّا.
(٥) أي: لا يُترك حتى يهلك، والمُرَمَّقُ: المُضَيَّقُ عليه في عيشه، تاج العروس: (٢٥/ ٣٦٤).
(٦) في (د): يؤمر وييسر.
(٧) في (ص) و (ز): أحدًا قط.