للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تولية ابن العربي القضاء قال ابن عِذَارِي: "وفي هذه السنة وَليَ قضاء إشبيلية القاضي أبو بكر ابن العربي ، ووصل كتاب ولايته من مراكش إلى إشبيلية عن علي بن يوسف بتاريخ يوم الخميس منسلخ جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة" (١).

واستعان القاضي في مهمته هاته بخُلَّصِ تلاميذه ونبهاء مُحِبِّيه، فولَّاهم القرى والبلدان التابعة لقضائه، وكان منهم الحافظ ابن بَشْكُوَال (٢) وغيره؛ ممَّن نثر أخبارهم ابن الأبَّار في "تكملته".

وفي خبر صَرْفِ ابن العربي وعزله عام ٥٢٩ هـ يقول ابن عِذَارِي: "وثارت السِّفْلَةُ -أيضًا- بإشبيلية على قاضيهم أبي بكر بن العربي، وذلك أنه كان له في عقاب الجُنَاةِ اختراعات مهلكات ومضحكات .. وظلَّ ابن العربي يوالي التشدد والتسلط حتى ثَقُلَ على الفسَّاق والأشرار فهاجوا" (٣).

وقال ابنُ العربي مُؤَكِّدًا ما ذَكَرْنَا: "وقد شاهدتم منَّا إقامة العدل، والقضاء -والحمد لله- بالحق، والكف للناس بالقِسْطِ، وانتشرت الأَمَنَةُ، وعظمت المَنَعَةُ، واتصلت في البيضة الهُدْنَةُ، حتى غلب قضاء الله بفساد الحسدة، واستيلاء الظلمة" (٤).

وكان هذا الذي حَلَّ بابن العربي يوم ثَوْرَةِ السِّفْلَةِ على مرأًى من مشيخة إشبيلية، ولم يَهُزُّوا يدًا ولا رفعوا صوتًا في وجه هؤلاء الشِّرْذِمَةِ


(١) البيان المُغْرِب لابن عذاري: (٤/ ٩٢ - ٩٣).
(٢) التكملة لابن الأبار؛ (١/ ٢٥٠).
(٣) البيان المغرب لابن عذاري: (٤/ ٩٣ - ٩٤).
(٤) أحكام القرآن: (٣/ ١٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>