للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد كان يَطْوِي الأيام، ويواصل الليالي، ويَتَجَوَّعُ حتى ينحني عمود ظهره، ويَشُدُّ الحَجَرَ على بطنه، وقد أُوتِيَ الكنزين (١) فردَّهما تواضعًا (٢)، ودعا إلى المناكحة رَدًا على تبتل النصارى.

وقد قال لي أبو بكر الفِهْرِي (٣): "إن الله تعالى لمَّا أراد من شَرَفِ رسوله عن تطلع النفس إلى ما في حَوْزِ أُمَّتِه، والنظر إلى شيء غيره، أباح له أن يتزوَّج ما شاء، وأُمَّتُه لمَّا ضاق (٤) ذلك عليهم قُصِرُوا على ما يقدرون (٥) ".

وقد رُوِي عن بعض العرب أنه قَدِمَ على أهله فنَحَرَ بعيرين، فأكل أحدَهما، وأكل أهلُه الآخَر، ودَنَا لينالها فحالت بطونهما بينهما، فقالت له: كيف تنالني وبيني وبينك بعيران (٦)؟

فجمع الله لرسوله فضل القناعة، وكثرة الباءة، وشرَّفه بذلك على الأمة.


(١) أخرجه الترمذي في جامعه عن ثوبان : أبواب الفتن عن رسول الله ، باب ما جاء في سؤال النبي ثلاثًا في أمته، رقم: (٢١٧٦ - بشار).
(٢) في (ص): فنبذهما نزاهة.
(٣) هو الإمام الطُّرطوشي، وقد تقدَّم التعريف به.
(٤) في (ص): جاز.
(٥) في (ص): يعولون.
(٦) في (س) و (د): بعيرين.