للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت له مُحَقِّقًا لمذهبي في خلق الأعمال، ومُتَعَلِّقًا في نصرته بواضح الاستدلال: الذي ربطه وعلمه بعلاماته ورَشَمَه هو الله؛ الخالق الفاعل وحده، المُسَخِّرُ في جميع أفعاله للخلق وأفعالهم.

قال لي: فإذا جالسناه ولازمناه ووَّكلنا به من يداولنا عليه الأيام، والأشهر والأعوام، حتى يأرَم، فإنا نراه في صفته التي وضعناه عليها من غير تَحَرُّكٍ ولا قيام، فإذا ادَّعيتم خلاف المشاهدة وأنكرتم إدراك المحسوسات كانت صفصطة.

وهو أقوى سؤال للقوم (١)، وإن الضعفاء ليكفُّون (٢) عنه.

قلت له: إن العذاب على نوعين؛ منه ما يتعلق بالروح وحده، ومنه ما يتعلق بالبدن معه، ولا يُنكر عاقلٌ الأوجاع والأسقام والآلام تنزل بالباطن والظاهر من البدن، فتكون النفس في غاية العذاب، ولا يضطرب البدن، وكذلك الكرب العظيم؛ ينزل بالمرء فيكون في غاية العذاب، ولا يتحرك البدن، وتفسد الأعضاء الرئيسة (٣) وتؤول إلى الهلكة، فما يكون من وَبَالٍ (٤) ونَكَالٍ يتعلق بالروح، وبألم البدن بذلك؛ سواءٌ كان متصلًا به أو منفصلًا عنه، فإن اتصال الآلام باتصال الأجزاء في العين الواحدة عادة، وقد يتصل الألم مع انفصال الذوات؛ كالهاجر والمهجور في المحبة، والولد والوالد (٥)، وهاتان عادتان دَلَّتَا على أن الذي يُفَصِّلُ الآيات له أن يَخْرِقَ العادات، ولا سيما في زمان ذلك وفي أَهْلِه.


(١) في (ص): القوم.
(٢) في (ص): ليكيعون.
(٣) في (س) و (د): الرئيسية.
(٤) في (ص): سؤال.
(٥) في (ص): الوالد والولد.