للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يجوز أن يتصل الألم ببعض البدن، وهو المتصل بالروح؛ إن كانت عَرَضًا تخرج في جزء من الجسم، كما يكون الألم عُضْوٍ من البدن حال الدنيا دون آخر، وهذا كله محتمل جائز.

قال لي: فقوله في الحديث: "يُقْعِدَانِه"، رويتَه ثم تركته، فمنك الإثبات ومنك النفي لما تثبت.

قلت له: كلَّا، لا (١) أُثبت إلا ما يَثبت، ولا أنفي إلَّا ما يَنتفي، الإقعاد والإقامة تكون في الروح كما تكون في البدن، وذلك معلوم حقيقةً، مذكور نقلًا؛ تقول العرب: "أصابني المُقِيمُ المُقْعِدُ من أمر كذا".

قال لي: هذا مجازٌ من الكلام، ورجوع إلى التأويل بعد الأخذ بالظاهر، وإذا نزلت عن الظاهر ورجعت إلى التأويل شاركناك فيه، وقلنا (٢) لك (٣) من الاحتمالات في الأخبار ما تصيرُ إليه فيها.

قلت له: بل هو إذا أُضِيفَ إلى الروح حقيقةٌ فيه، كما إذا أضيف إلى البدن حقيقةٌ فيه، وحقيقةُ كل شيء على قَدْرِه، ألا ترى أن حقيقة الإله بصفاته معلومة على قَدْرِه، وحقيقة العبد بصفاته معلومة على قَدْرِه، وكذلك في المُحْدَثات؛ للعَرَضِ حقيقةٌ، وللجسم حقيقةٌ، وذلك (٤) يجري على صفته، والإضافة في مسألتنا إلى الروح وإلى البدن حقيقتان معًا.

وقد يحتمل أن يكون الباري أيَّان رَصْدِهم علَّق العذاب على الروح وحده، فإذا زالوا علق العذاب على الروح والجسد.


(١) في (ص): ما.
(٢) في (س): قلت.
(٣) في (س): له، وهو تصحيف.
(٤) في (ص): كلها.