للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجوتَ- لا خيَّب الله لك رجاءً- أن ندلك على ما تعقد عليه عزمك وعزيمتك، وأملك وطويَّتك.

وأنت في كل ذلك ترجو ما لا يرجوه غيرك، وتخطو ما لا يخطوه سواك، وقد علمنا مُكنتك ومُنَّتك، واقتدارك واعتذارك، فنظرنا في كل هذا الذي قصدتَ إليه، وعوَّلت عليه، فأذكرْتنا أيَّامًا خلتْ، وسنين ذهبتْ، يأتيك بعضُ خبرها في هذه العجالة.

ولكنَّنا لا نلج بك إلى تلك الأبواب، ولا نذهب بك إلى تلك المقاصد الكريمة حتى نحدثك حديثًا كنَّا قد ذكرنا بعضه في مجالس سبقتْ هذه المجالس، ولعلك تذكر ما رقمناه في فاتحة قولنا وناشئة حولنا (١)، وما أعقبه من توالي الحمد والمجد (٢)، فلا نخلي مجلسنا هذا من ذِكْرِ بعض ذلك، لما نُعاين من تلك النغمة القَديمة، والنقمة التي أرادها البعضُ أن تكون دِيمة، ولعلك قد فطنتَ لما نرمي إليه، أو نلوي عليه، ومثلُك في قدْرك وشرفك ممن يفهم عنَّا ويُدرك إشارتنا وفحوانا، وتنبيهنا وشكوانا.

وخبرُ ذلك أن حَسَدةَ القاضي وشانئيه في كل مكان، وعند كل زمان، وكأنهم من أصلاب من حَسَدَه أوَّلًا، ومَسَدَه أَزَلًا، في كل حقبة منهم بقيَّة، غير نقيَّة، نطفةٌ ألقاها ذلك الهالك في غَيِّه، المعتقَل في جِلْدِه، والمتسربِل في زَيْفِه، الضارب في جنونه، والهادر في مجونه.


(١) الإشارة هنا إلى تقدمتنا لكتاب "الأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى" لأبي بكر ابن العريى.
(٢) الإشارة هنا إلى تقدمتنا لكتاب "المتوسط في الاعتقاد" لأبي بكر بن العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>