للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا الحديثُ الآخِرُ وهو الأوَّلُ في الحقيقة؛ فلا يقاس بالنبي في ذلك أَحَدٌ، ولا يجد الناظر فيه (١) عنه (٢) مُلْتَحَدًا، وليس فيه نصٌّ بأن أهل القبور يعلمون، إنما فيه (٣) أن النبي أسمعهم كلامه، ولعلهم يسمعون كلامه بمنزلته، كما يسمع (٤) هو عذابهم، فيَجْعَلُ (٥) على قبور المسلمين منهم جرائد رطبة يُخَفِّفُ بها عنهم، وبحديث الجرائد (٦) يستدلُّ الناس على أن الأرواح في القبور، وهو أبين في ذلك من حديث ابن عمر في الصحيح: "إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي؛ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك حتى ببعثك الله إليه يوم القيامة" (٧)، لأن عَرْضَ مقعده عليه ليس فيه بيانٌ عن موضعه الذي يراه منه.

وحديثُ الجوائد نَصَّ على أن أولئك كانوا في قبورهم، وكذلك حديث اليهود (٨)، ولا يعارضه إلا حديث كعب: "إن نسمة المؤمن طائر يعلُق في شجر الجنة" (٩)، وذلك مخصوص المعنى في الشهيد، لأنه لا يُتَعَجَّلُ الأكل والنعيم لأحد إلَّا للشهيد في سبيل الله، بإجماع من الأمَّة.


(١) في (س): عنه فيه.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) في (ص): نبه.
(٤) في (ص): سمع.
(٥) في (ص): فجعل.
(٦) تقدَّم تخريجه.
(٧) تقدَّم تخريجه.
(٨) تقدَّم تخريجه.
(٩) تقدَّم تخريجه.