للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رُوي عن مالك: "أن الأرواح تسرح حيث شاءت" (١)، وقد ورد في حديث كعب هذا فدلَّ على أنه مخصوص عنده في الشهداء، فأمَّا حُكْمُه بسَرَاحِ الأرواح فلا أعلم له طريقًا في الشريعة يُعوَّل على طريقه.

وأمَّا حديثُ قَرْع النعال فإنه مخصوص بذلك الوقت، بل هو نصٌّ فيه، فلا يعلم هل يدوم أم لا؟

وأمَّا حديثُ عمرو بن العاص فلم يُسنده إلى النبي ، وإنَّما هو رجاءٌ رجاه حين سمع حديثَ سماع (٢) قَرْع النعال فطمع؛ كما سمع قَرْعَ نعالهم أن يكون له أُنْسٌ في مقامهم، وإلا فأى أنس يُرجى في الآخرة من أهل الدنيا؟ إلا إن كان بالصدقة والدعاء.

وفي حديث عُمَرَ المتقدم: "كيف تكلم أجسادًا لا أرواح فيها"؟ وأقره النبي على ذلك، فدلَّ على أنها تختلف حالها، وعلى (٣) أنها تفارق الأجساد فتُعذَّب الأرواح ويُوَصَّل العذاب إلى الأبدان، والكل محتمل (٤) جائز، حكمة بالغة.

وأمَّا قول الجنازة على السرير: "قَدِّمُوني قدموني"، فيحتمل أن يكون مخصوصًا بتلك الحالة، ويحتمل أن يكون عبارة بلسان الحال عن لسان المقال، والباري قادر على ذلك كله، وهو الكبير المتعال.


(١) قال ابن عبد البر: "ذَكَرَ ابنُ أبي الدنيا قال: حدَّثنا خالد بن خداش قال: سمعت مالك بن أنس يقول: بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت"، الاستذكار: (٨/ ٣٦١).
(٢) سقط من (س).
(٣) في (س): أو على.
(٤) في (س): تحمل.