للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنْ كُنْتُ أَدْرِي فعَلَيَّ بَدَنَهْ … مِنْ كَثْرَةِ التَّخْلِيطِ فِيَّ مَنْ أَنَهْ (١)

وقد صنَّف القاضي أبو بَكْرٍ كتاب "الإنسان"، وكان في غِنًى عنه، وما لمن سَأَلَ عنه طِبٌّ إلَّا أَن يُغَلَّ في المَارِسْتَان، ويُعَانَى حتى يستريح أو يموت.

قال الإمام الحافظ (٢): وهذا كلُّه حِيَلٌ منهم، ودَوَرَانٌ حول الرُّوح، فإنهم رأوا الإنسان حيًّا إنسانًا بها، فإذا زَهَقَتْ عنه صار مَوَاتًا، فجعلها بعضُهم الإنسان، وطَفِقَ يَتَرَدَّدُ حولها، ويطلب تعليق الإِشْكَالِ بها، وليس يتعلَّق بها أبدًا، فإنَّ تلك محجوبةٌ تحت أستار الغَيْبِ، لا سَبِيلَ لأحد إلى معرفتها (٣).

وكَشَفَ الله الحقيقة له كأنَّها العِيَانُ فقال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: ١ - ٣].

وقال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [التين: ٤ - ٥]ـ

وقال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢] الآية.


(١) أخبره بهذه الحكاية شيخُه أبو سعد الزنجاني الشهيد، العواصم: (ص ٢٧).
(٢) في (ص): قال القاضي الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٣) العواصم: (ص ٢٨).