للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهجرة، فخرج رسول الله به معه، وترك ما كان له من أهل وقرابة، استئثارًا به، وتَوْفِيَةً لحقه، وعَمَلًا بمقتضى منزلته في الدين ومرتبته، وثِقَةً بمُنُّتِه، وأُنْسًا بصحبته، فمن ذا يطمع في مرتبته؟ وقد يُصِيبُ بَعْضَ الناس غَشْيٌ عند القراءة، وقد يبقى قلبُه على حاله.

ورُوي (١) أن الرَّبيع بن خُثَيم سمع: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر: ٨ - ١٠]، فخَرَّ مَغْشِيًّا عليه؛ ولم يُفِقْ إلَّا في اليوم الثاني ذلك الوقت، فسُئِلَ ابنُ مسعود عن صلاته فقال: "لا إعادة عليه" (٢).

ورُوي عن ابن عمر أنه مرَّ برجل ساقط فقال: "ما هذا؟ قال: إنه إذا قُرِئَ عليه القرآن يصيبُه مثل هذا، قال: إنَّا لنخشى الله وما نسقط" (٣).

ورأيت رَجُلًا بمجلس عالم العلماء الرازي (٤) بالرَّيْحَانِيِّينَ (٥) قد سمعه (٦) يتكلَّم ويُشَوِّقُ للحج ويتلو، وكان إلى جانبي (٧) رَجُلٌ على دُكَّانٍ؛


(١) في (د) و (ص): روي.
(٢) الزهد للإمام أحمد: (ص ٤٠١)، والحلية لأبي نعيم: (٢/ ١١٠)، ولم أجده كما ذكره ابن العربي هنا، والله أعلم.
(٣) الزهد للإمام أحمد: (ص ٢٤٢).
(٤) لم أهتد إلى معرفة عينه وحاله بعد بحث، غير أن ابن العربي ذَكَرَ في موضع آخر من هذا الكتاب أنه قَدِمَ إلى بغداد بنيَّة الحج، وذكر أن أصله من الري.
(٥) في (س) و (د): - الريحانتين، وفي قانون التأويل (ص ١١٥): "سوق الريحانيين"، وهو أحد أسواق بغداد، وفي مراصد الاطلاع (٢/ ٥٠٦): "دار الريحانيين: دار في دار الخلافة، مشرفة على سوق الريحانيين".
(٦) في (د) و (ص): فسمعته.
(٧) في (د): في خـ: جنبي.