للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذين قالوا: إنَّ عبد بمعنى أَنِفَ؛ لم يكن مأخوذًا- والله أعلم- إلَّا من هذه الآية، فإنْ كان تأويلُها كما قال قَوْمٌ: إنَّ معناها (١): "إن قلتم: إنَّ للرحمن ولدًا فأنا أوَّلُ من يَعْبُدُ الرحمن (٢) " (٣).

وقد رُوي عن علي بن أبي طالب أنه قال حين نُسِبَ إليه أنه (٤) قتَلَ عثمان: أَنَّه عَبِدَ، يعني: غَضِبَ (٥).

وهذه كلُّها أقوالٌ مصنوعة (٦)، مَبْنِيَّةٌ على تأويل الآية، وليس للعبادة مَعْنًى إلَّا التذلُّل، فاعلمُوه واطرحُوا غَيْرَه.

وقد قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، وقد خَفِيَتْ هذه الآية على المبتدعة وعلى أهل السُّنَّةِ.

فقال قَوْمٌ من المبتدعة: "خَلَقَهم وأراد منهم العبادة، ففَعَلُوا ما أرادوا ".

تعالى الله أن يكون في مُلْكِه ما لا يُريد.

وقال بعضُ أهل السُّنَّةِ: "إن كان خَلَقَهُم ليعبدوه فقد وُجِدَ من لا يَعْبُدُه، ولا يَصِحُّ أن يكون في خبره خُلْفٌ، وأيضًا فإنُّه غَنِيٌّ عن عبادتهم، وظاهرُ الآية يُعْطِي أنه خَلَقَهُم لما هو غَنِيٌّ عنه (٧) ".


(١) قوله: "إن معناها" سقط من (س) و (ز).
(٢) في (ص): فأنا أوَّلُ العابدين.
(٣) تفسير الطبري: (٢٠/ ٢٥٤ - التركي).
(٤) سقط من (س).
(٥) يقارن بما في تفسير الطبري: (٢٠/ ٦٥٧ - التركى)، ومعجم مقاييس اللغة: (٤/ ٢٠٧).
(٦) في (س): موضوعة.
(٧) في (س): عنهم.