للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قَوْمٌ من القَدَرِيَّةِ: "إنَّ العبادة وُقُوعُ أفعال العباد على وَفْقِ أَمْرِ المَوْلَى".

فأخرجوا الأفعال عن العبادة ما لم تكن (١) موافقة للأمر (٢)، ليُثَبِّتُوا بذلك أنه لا يريد المعصية.

وقال أهلُ السنة: "إن العبادة هي وقوعُ أفعال العباد على حُكْم المَوْلَى، لا جَرَمَ كل طاعة ومعصية وخَيْرٍ وشَرٍّ ظَهَرَ من العباد، فإنه بحُكْم المَوْلَى وقضائه، والأمورُ تَجْرِي على حسب مراد الله تعالى، لا (٣) على مقتضى أَمْرِه ونَهْيِه" (٤).

ولمَّا جَهِلَ هذا الأَصْلَ المبتدعةُ وغَفَلَ عنه (٥) المفَسِّرُون خلَّطُوا في هذه الآية:

فقال قَوْمٌ: "معناها الخصوص وإن كانت (٦) جاءت بلفظ العموم" (٧).

وهذا ضعيفٌ لوجهين:

أحدهما: أن العموم إنما يُخَصُّ لحاجة، ولا حاجة هاهُنا.


(١) في (د): يكن.
(٢) في (د) و (ص) و (ل): الأمر.
(٣) سقطت من (س).
(٤) تفسير الطبري: (٢١/ ٥٥٥ - التركي)، والحدود لابن فُورَك: (ص ١٢٣).
(٥) في (س): عمها.
(٦) في (س) و (ص) و (ز): كان.
(٧) هو قول زيد بن أسلم، ذكره الطبري: (٢١/ ٥٥٣ - التركي)، وهو قول الضحَّاك وسفيان أيضًا، ذكره عنهما الثعلبي في الكشف والبيان: (٩/ ١٢٠)، وينظر: معاني القرآن للزجَّاج: (٥/ ٥٨).