للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومِنْ قَتْلِ المؤمن إِذَايَتُه، قال النبي : "لَعْنُ المؤمن كقتله" (١).

وأَخْذُ ماله قَتْلٌ له.

وتَنْكِيدُ عيشه بالهموم والغموم قَتْلٌ له؛ فإنَّ الكاسفَ البال مَيِّتٌ.

وسجنُه قَتْلٌ له؛ فإن المسجون مَعْدُودٌ في جُمْلَةِ الموتى.

ومن المُحَرَّم قَتْلُه لنَفْسِه بتركها مُخَلَّاةَ العِنَانِ مع هواها، سالكةً سَبِيلَ شهوتها؛ فإنها سيئة الاختيار، أَمَّارَةٌ بالسُّوءِ، والسَّفِيهُ إذا لم يُنْهَ مَأْمُورٌ.

ثم قال تعالى: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾، وقَتْلُكَ نَفْسَكَ بالحَقِّ: أن تقمعها عن الشهوات، وتصرفها عن المخالفات، وتردَّها إلى الصراط المستقيم، وتأخذها بقانون الدِّين، وفي الأثر: "الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أَتْبَعَ نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني (٢) " (٣).

الثامنة: قوله تعالى: ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾ [الفرقان: ٦٨]

هو ألَّا يسعى بقَدَم، ولا يَلْمَسَ بجارحة، ولا يُقَبِّلَ، ولا ينظر، ولا يستمع إلى ما لا يَحِلُّ له، مع القُدْرَةِ على ذلك والتمكن منه، من غير تَقِيَّةٍ إلَّا من الله، وهذه المَنْزِلَةُ ما عَلِمناها ثَبَتَتْ لأَحَدٍ إلَّا ليُوسُفَ صلوات الله عليه؛ لأن امرأة العزيز دَعَتْه، ولَمَسَتْهُ، وقَطَّعَتْ عليه ثَوْبَه، فما أَصْغَى ولا نَظَر، وولَّى عنها وأَدْبَر، بعد أن حدَّثته نفسُه المُتَمَنِّيَةُ بما لا يستطيع البَشَرُ ردَّة عن أنفسهم، فلم يُتْبعِ الهَمَّ الهَمَّ، وقَطَعَه وما تَمَّ، وخاف مولاه،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه عن ثابت بن الضَّحَّاك : كتاب الأدب، باب ما ينهى من السِّباب واللعن، رقم: (٦٠٤٧ - طوق).
(٢) سقطت من (س) و (د) و (ص) و (ز).
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ، بابٌ، رقم: (٢٤٥٩ - بشار)، قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن".