للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْقِطٌ، ثُمَّ زَالَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِقَّةً لِلنَّفَقَةِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ فَلَوْ جَعَلْنَا لَهَا النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ كَانَ هَذَا إثْبَاتَ النَّفَقَةِ لَهَا ابْتِدَاءً فِي الْعِدَّةِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ، وَهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّبْوِئَةِ أَنْ تَتَفَرَّغَ لِلْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الزَّوْجِ وَذَلِكَ فِي قِيَامِ النِّكَاحِ فَإِذَا بَوَّأَهَا بَيْتًا فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ فَيَبْقَى ذَلِكَ بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ ابْتِدَاءُ التَّبْوِئَةِ فِي الْعِدَّةِ لَا يَحْصُلُ بِهِ هَذَا الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقُومُ بِمَصَالِحِ الزَّوْجِ، وَالْقِيَاسُ فِي النَّاشِزَةِ هَكَذَا وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ مُسْتَحِقَّةٌ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ، وَالْعَارِضُ الْمُسْقِطُ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَبَعْدَهَا فِي حَقِّهَا سَوَاءٌ إذَا زَالَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الْأَمَةِ.

وَإِنْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ بِالْمَعْصِيَةِ كَالرِّدَّةِ وَمُطَاوَعَةِ ابْنِ الزَّوْجِ عَلَى الْجِمَاعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ أَصَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ رَجَعَتْ وَتَابَتْ مِنْ الرِّدَّةِ، أَمَّا السُّكْنَى فَوَاجِبَةٌ لَهَا؛ لِأَنَّ الْقَرَارَ فِي الْبَيْتِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِمَعْصِيَتِهَا، أَمَّا النَّفَقَةُ فَوَاجِبَةٌ لَهَا فَتَسْقُطُ بِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا بِالْمَعْصِيَةِ.

(قَالَ:) وَإِنْ كَانَتْ أَمَةٌ قَدْ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى بَيْتًا فَعَتَقَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا كَانَ سَبَبَ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَهَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَسْقُطُ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ إذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا بِحَقٍّ، فَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَهَا

(قَالَ:) وَإِذَا لَمْ تُخَاصِمْ الْمُعْتَقَةُ فِي نَفَقَتِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَكَذَلِكَ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لَا تَكُونُ أَوْجَبَ مِنْ نَفَقَةِ النِّكَاحِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ نَفَقَةَ النِّكَاحِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَلَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ فَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ أَوْلَى وَهَذَا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مِلْكُ الْيَدِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِهَذَا السَّبَبِ فِي حُكْمِ الصِّلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ السَّبَبِ لِثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ خَرَاجُ رَأْسِهِ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِزَوَالِ السَّبَبِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَلِهَذَا مِثْلُهُ

(قَالَ:) وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَاسْتَدَانَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهَذَا وَنَفَقَةُ النِّكَاحِ سَوَاءٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ اسْتِدَانَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ، صَحِيحٌ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ إنَّمَا اسْتَدَانَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ. (قَالَ:) وَإِذَا تَطَاوَلَتْ الْعِدَّةُ بِالْمَرْأَةِ فَالنَّفَقَةُ لَهَا وَاجِبَةٌ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ، أَوْ بِالشُّهُورِ عِنْدَ الْإِيَاسِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ قَائِمٌ فَيَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ بِبَقَاءِ السَّبَبِ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ.

أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يُسَوَّى بَيْنَ أَنْ تَطُولَ مُدَّةُ الْحَيْضِ، أَوْ تَقْصُرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَلْقَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>