يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ احْتِيَاطًا وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِيَقِينٍ بِوِلَادَةِ الْآخَرِ مِنْهُمْ.
وَإِذَا قَالَ لَهَا: كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ: إذَا وَلَدْت غُلَامًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً، فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ وَلَدٌ فَيَقَعُ بِهَا تَطْلِيقَةٌ بِحُكْمِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهَا غُلَامًا فِي ذَلِكَ الْبَطْنِ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ وَضَعَتْ جَمِيعَ مَا فِي بَطْنِهَا.
وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِوِلَادَةِ الْغُلَامِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَوَانَ الْوُقُوعِ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهِيَ لَيْسَتْ فِي عِدَّتِهِ بَعْدَ وِلَادَةِ الْغُلَامِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا: إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا، وَقَعَ بِهِ تَطْلِيقَتَانِ أَحَدُهُمَا بِالْغُلَامِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْغُلَامَ وَلَدٌ، وَالثَّانِيَةُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ غُلَامٌ، وَكَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا وَلَدْت غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ وَغُلَامٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إذَا كَلَّمْت فُلَانًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إذَا كَلَّمْت إنْسَانًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ فُلَانًا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْسَانٌ وَفُلَانٌ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ فُلَانَةَ، تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا فُلَانَةُ وَامْرَأَةٌ، وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ يَصْلُحُ شَرْطًا لِلْحِنْثِ فِي أَيْمَانٍ كَثِيرَةٍ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا وَلَدْت غُلَامًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا، وَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ بِوِلَادَةِ الْغُلَامِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا، وَقَعَتْ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ بِوِلَادَةِ الْغُلَامِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ، إذَا عَلِمَ أَنَّ الْغُلَامَ وُلِدَ آخِرًا، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمَا أَوَّلٌ، فَعَلَيْهِمَا الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي كُلِّ حُكْمٍ فَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتَوَارَثَا؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا ثُمَّ انْتَقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ، وَالْمِيرَاثُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.
(قَالَ): وَإِنْ قَالَ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَسْقَطَتْ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ أَوْ بَعْضَ الْخَلْقِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا السِّقْطِ وَلَدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ فِي حُكْمِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ.
(قَالَ): وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا وَلَدْتِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: قَدْ وَلَدْتُ، وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ، لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا بِخِلَافِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ مِمَّا يَقِفُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.
فَإِنَّ قَوْلَ الْقَابِلَةِ يُقْبَلُ فِي الْوَلَدِ فَلَا يَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْقَابِلَةُ بِهِ، وَالْحَيْضُ لَا يَقِفُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ شَهِدَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute