بِحَرْفِ " أَوْ " فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا شَيْءَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدْخَلَ حَرْفَ الْوَاوِ بَيْنَ طَلَاقٍ وَغَيْرِ طَلَاقٍ فَتَخْرُجُ بِهِ كَلِمَةُ الْإِيقَاعِ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَزِيمَةً فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي اثْنَتَيْنِ فَهُوَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ حَرْفَ فِي قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الصِّلَاتِ يَقُومُ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ.
وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً مَعَ اثْنَتَيْنِ يَقَعُ ثَلَاثٌ أَيْضًا سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ حَرْفَ " فِي " يُذْكَرُ بِمَعْنَى " مَعَ " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] أَيْ مَعَ عِبَادِي، وَيُقَالُ: دَخَلَ الْأَمِيرُ الْبَلْدَةَ فِي جُنْدِهِ، أَيْ مَعَ جُنْدِهِ، وَإِنْ نَوَى حِسَابَ الضَّرْبِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ أَنَّ وَاحِدًا إذَا ضُرِبَ فِي اثْنَيْنِ يَكُونُ اثْنَيْنِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهِمَا إذَا نَوَى، وَلَكِنَّا نَقُولُ الضَّرْبُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَمْسُوحَاتِ لَا فِي الطَّلَاقِ، وَتَأْثِيرُ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ لَا فِي زِيَادَةِ الْمَالِ، وَالتَّطْلِيقَةُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنْ كَثُرَتْ أَجْزَاؤُهَا لَا تَصِيرُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَهَا وَثُلُثَهَا لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ وَنَوَى الضَّرْبَ عِنْدَنَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ يَكُونُ أَرْبَعَةً، وَلَكِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَعَلَى هَذَا مَسَائِلُ الْإِقْرَارِ، إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَوَى حِسَابَ الضَّرْبِ فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ عِنْدنَا، وَمِائَةٌ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نَوَى عَشَرَةً وَعَشَرَةً فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ، أَوْ كُرُّ حِنْطَةٍ فِي كُرِّ شَعِيرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا الْمَذْكُورُ أَوَّلًا عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْتُ الْوَاوَ، أَوْ حَرْفَ مَعَ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا أَرَدْتَ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ كُلِّهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْخَصْمُ مُدَّعِيًا بِجَمِيعِ ذَلِكَ.
(قَالَ): وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَفُلَانَةُ، أَوْ فُلَانَةُ فَالْأُولَى طَالِقٌ، وَالْخِيَارُ إلَيْهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ يُوقِعُ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ حَرْفَ التَّخْيِيرِ إنَّمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ فَكَانَ كَلَامُهُ عَزِيمَةً فِي الْأُولَى فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَيُخَيَّرُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: هَذِهِ طَالِقٌ، وَإِحْدَى هَاتَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْعِتْقِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا أَوْ فُلَانًا فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الْجَامِعِ، وَاسْتَوْضَحَ فِي الْكِتَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَدْ اسْتَقْرَضَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا عَلَيْهَا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْأَلْفِ يُقِرُّ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute