للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ جِمَاعِهَا فِي الْمُدَّةِ فَيَكُونُ فَيْؤُهُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا يَكُونُ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَدَلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ.

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَرِيضًا حِينَ آلَى فَفَيْؤُهُ الرِّضَا بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ إنْ تَمَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْجِمَاعِ لِمَرَضِهِ وَكَذَلِكَ إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ بِالْإِيلَاءِ فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا حِينَ آلَى وَبَقِيَ صَحِيحًا بَعْدَ إيلَائِهِ مِقْدَارَ مَا يَسْتَطِيعُ فِيهِ أَنْ يُجَامِعَهَا ثُمَّ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ، وَقَالَ زُفَرُ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ عَنْ الْجِمَاعِ وَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُ آخِرُ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ حَتَّى عَدِمَ الْمَاءَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَلَكِنَّا نَقُولُ لَمَّا تَمَكَّنَ مِنْ جِمَاعِهَا فَقَدْ تَحَقَّقَ مِنْهُ الْإِضْرَارُ، وَالتَّعَنُّتُ بِمَنْعِ حَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعُهُ إلَّا بِإِيفَاءِ حَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا حِينَ آلَى ثُمَّ صَحَّ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ فَاءَ إلَيْهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ لَمْ يَفِئْ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ فَإِنَّ تَمَامَ الْمَقْصُودِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَسَقَطَ اعْتِبَارُ حُكْمِ الْبَدَلِ بِهَذِهِ الْقُدْرَةِ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَرِيضَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا تُجَامَعُ فَفَيْؤُهُ الرِّضَا بِاللِّسَانِ وَذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ مَرِيضًا حِينَ آلَى ثُمَّ مَرِضَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ صَحَّ الزَّوْجُ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَفَيْؤُهُ الرِّضَا بِاللِّسَانِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ مَرَضِهَا فِي الْمَنْعِ مِنْ الْجِمَاعِ كَتَأْثِيرِ مَرَضِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ الَّذِي كَانَ لِأَجْلِهِ فَيْؤُهُ الرِّضَا بِاللِّسَانِ قَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَكَانَ ذَلِكَ كَالْمَعْلُومِ أَصْلًا، وَلَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ بِالْحَجِّ أَوْ أَحَدُهُمَا فَآلَى وَقْتَ أَدَاءِ الْحَجِّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَيْؤُهُ الرِّضَا بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ جِمَاعِهَا فِي الْمُدَّةِ شَرْعًا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ مَمْنُوعًا حِسًّا بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ خَلَى بِامْرَأَتِهِ وَأَحَدُهُمَا مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ وَمَتَى وَطِئَهَا بَعْدَ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْيَمِينُ فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْحِنْثِ مَتَى جَامَعَهَا.

(قَالَ): وَإِيلَاءُ النَّائِمِ وَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَعْتُوهِ الَّذِي يَهْذِي بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ طَلَاقِ هَؤُلَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْيَمِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يَنْعَقِدُ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي اللُّزُومِ

(قَالَ): وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا أَبَدًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَطَلَ الْإِيلَاءُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ فَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>