التَّطْلِيقَاتِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَإِنْ قَرُبَهَا كَفَّرَ يَمِينَهُ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ لِنَفَاذِ مِلْكِ الطَّلَاقِ فَقَدْ بَقِيَتْ الْيَمِينُ فَإِذَا قَرُبَهَا تَمَّ شَرْطُ الْحِنْثِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ بَقَاءِ الْيَمِينِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ قَرُبَهَا كَفَّرَ يَمِينَهُ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَإِنْ تَمَّتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَتْ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ بِالْإِيلَاءِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُولِي فِي الْمَعْنَى كَالْمُعَلِّقِ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ قَبْلَ أَنْ يَفِيءَ إلَيْهَا وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ فَلَا يَبْطُلُ بِالْبَيْنُونَةِ، وَلَكِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا إلَّا فِي الْعِدَّةِ فَإِذَا تَمَّتْ الْعِدَّةُ وَهِيَ مَحَلٌّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحَلًّا بِأَنْ كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَهُوَ مُولٍ مِنْهَا وَتَسْتَأْنِفُ شُهُورَ الْإِيلَاءِ مِنْ حِينِ تَزَوَّجَهَا، وَلَا يَحْتَسِبُ بِمَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ لَا تَنْعَقِدُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذْ لَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَحَلِّ مِلْكٌ وَلَا يَدٌ فَإِنَّمَا يَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ تَزَوَّجَهَا وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ يَحْتَسِبُ بِمَا مَضَى مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَا بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهِيَ مَحَلٌّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَيَبْقَى حُكْمُ الْمُدَّةِ، أَرَأَيْتَ لَوْ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ أَكَانَ يَبْقَى حُكْمُ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ مَا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ.
(قَالَ): وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ثُمَّ آلَى مِنْهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِيلَاءِ بِمَنْعِ حَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ، وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْجِمَاعِ بَعْدَ مَا بَانَتْ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِيلَاءِ إزَالَةُ ظُلْمِ التَّعْلِيقِ عَنْهَا وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ فِي الْأَصْلِ إيلَاءً لَا يَصِيرُ إيلَاءً وَإِنْ تَزَوَّجَهَا كَمَا فِي الْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ كَلَامِهِ هُنَاكَ كَانَ إيلَاءً صَحِيحًا فَلَا يَبْطُلُ بِالْبَيْنُونَةِ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَإِنْ بَطَلَتْ الْمُدَّةُ لِخُرُوجِهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِطَلَاقِهِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ فَصْلًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَبَانَتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ هَلْ تَنْعَقِدُ مُدَّةٌ أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَمْ لَا وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ تَنْعَقِدُ حَتَّى إذَا تَمَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَقَعَتْ تَطْلِيقَةً أُخْرَى، وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ، قَالَ: لِأَنَّ مَعْنَى الْإِيلَاءِ كُلَّمَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ أَقْرَبْكِ فِيهِنَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا كَانَ الْحُكْمُ مَا بَيَّنَّا. وَفِقْهُهُ أَنَّ انْعِقَادَ الْمُدَّةِ مِنْ حُكْمِ بَقَاءِ الْيَمِينِ هُنَا، وَابْتِدَاءُ الْيَمِينِ لَا يَنْعَقِدُ إيلَاءً بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَلَكِنَّهَا تَبْقَى بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَمَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَجْنُونٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute