بِالشَّرْطِ، وَهُوَ يُنَبِّئُ عَنْ السِّرَايَةِ، وَيَلْزَمُ عَلَى، وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَإِذَا ثَبَّتَتْ الْمُشَابَهَةُ مَعْنًى قُلْنَا مَا كَانَ صَرِيحًا فِي إزَالَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَهُوَ لَفْظُ التَّحْرِيرِ كَانَ كِنَايَةً فِي مِلْكِ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي مِلْكِ النِّكَاحِ يُجْعَلُ كِنَايَةً صَحِيحَةً فِي إزَالَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّحْرِيرِ فَإِنَّ الْأَمَةَ إذَا أَعْتَقَتْ حُرِّمَتْ عَلَى مَوْلَاهَا وَذِكْرُ الْمُوجَبِ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ عَنْ الْمُوجِبِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ اعْتَدِّي بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ (وَحُجَّتُنَا) فِي ذَلِكَ أَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا كُلِي، وَاشْرَبِي وَنَوَى الْعِتْقَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ فَقَدْ تَجَرَّدَتْ النِّيَّةُ عَنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ الْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ صُورَةً، وَلَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ الْمَانِعِ مِنْ الِانْطِلَاقِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ حُرَّةٌ مَحْبُوسَةٌ عِنْدَ الزَّوْجِ فَبِالْفُرْقَةِ - يَزُولُ الْمَانِعُ مِنْ الِانْطِلَاقِ.
وَالْإِعْتَاقُ إحْدَاثُ قُوَّةِ الِانْطِلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي الرَّقِيقِ صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ وَبِالْعِتْقِ يَحْدُثُ لَهُ صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ إحْدَاثِ الْقُوَّةِ، وَبَيْنَ إزَالَةِ الْمَانِعِ كَمَا لَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ إحْيَاءِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ رَفْعِ الْقَيْدِ عَنْ الْمُقَيَّدِ، وَنَحْنُ نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْمَعْنَى طَرِيقُ الِاسْتِعَارَةِ، وَلَكِنْ لَا فِي كُلِّ وَصْفٍ بَلْ فِي الْوَصْفِ الْخَاصِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْوَصْفُ الْخَاصُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَيَّنَّا دُونَ مَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعَارُ الْأَسَدُ لِلْجَبَانِ، وَالْحِمَارُ لِلذَّكِيِّ، وَبَيْنَهُمَا مُشَابَهَةٌ فِي أَوْصَافٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيَوَانٌ مَوْجُودٌ، وَلَكِنْ لَمَّا انْعَدَمَتْ الْمُشَابَهَةُ فِي الْوَصْفِ الْخَاصِّ لَمْ تَجُزْ الِاسْتِعَارَةُ فَهَذَا مِثْلُهُ فَأَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَ لَفْظَ التَّحْرِيرِ فِي الطَّلَاقِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا لِلْمُشَابِهَةِ مَعْنًى بَلْ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ النِّكَاحِ مِلْكُ الْمُتْعَةَ، وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ فِي مَحَلِّ الْمُتْعَةِ يُوجِبُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ فَمَا يُزِيلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يَكُونُ سَبَبًا لِإِزَالَةِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْهُ فَأَمَّا مَا يُزِيلُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِإِزَالَةِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْهُ، وَلِهَذَا قُلْنَا فِي طَرَفِ الِاسْتِجْلَابِ أَنَّ مَا وُضِعَ لِاسْتِجْلَابِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ لَفْظُ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ لَا يَثْبُتُ بِهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَمَا وُضِعَ لِاسْتِجْلَابِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ، وَالْبَيْعِ يَصْلُحُ لِإِيجَابِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ النِّكَاحُ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ الْبَيْعُ فَإِنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجَارَةُ عَلَى مَا قَالَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ إذَا بَاعَ سُكْنَى دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ، لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِهَذَا اللَّفْظِ ثَبَتَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا: الْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْحُرَّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت نَفْسِي مِنْك شَهْرًا بِدِرْهَمٍ لِعَمَلِ كَذَا يَكُونُ إجَارَةً صَحِيحَةً فَأَمَّا بَيْعُ السُّكْنَى إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِانْعِدَامِ الْمَحَلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute