للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّلَاثَةِ نَسَبًا فَإِنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ أَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي، وَلَدِ زِنًا بِعَيْنِهِ نَشَأَ مَرِيدًا فَكَانَ أَخْبَثَ مِنْ أَبَوَيْهِ.

وَإِذْ قَالَ الرَّجُلُ لِأَمَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك يَعْنِي فِي الْعِتْقِ فَإِنْ أَعْتَقَتْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا عَتَقَتْ، وَإِنْ قَامَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ نَفْسَهَا فَهِيَ أَمَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا أَمْرَهَا، وَأَهَمُّ أُمُورِهَا الْعِتْقُ فَتَعْمَلُ نِيَّتُهُ فِي الْعِتْقِ، وَجَوَابُ التَّمْلِيكِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الطَّلَاقِ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ، وَكَذَلِكَ إنْ جَعَلَ أَمْرَهَا فِي يَدِ غَيْرِهَا، وَإِنْ قَالَ لَهَا أَعْتِقِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ كَلَامَهَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلتَّخْيِيرِ، وَالْمَوْلَى مَا خَيَّرَهَا، إنَّمَا مَلَّكَهَا أَمْرَهَا، وَقَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي لَا يَصْلُحُ لِلتَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ إعْتَاقَهَا وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَرْتُك مِنْ نَفْسِي، أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي مِنْك لَا تَعْتِقُ فَكَذَلِكَ قَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ أَعْتِقِي نَفْسَك إقَامَةٌ مِنْهُ إيَّاهَا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي إيقَاعِ الْعِتْقِ فَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ بِاللَّفْظِ الَّذِي كَانَ الْمَوْلَى مَالِكًا لِلْإِيقَاعِ بِهِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شِئْت فَإِنْ قَالَتْ فِي مَجْلِسِهَا قَدْ شِئْت كَانَتْ حُرَّةً، وَلَوْ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا، فَهِيَ أَمَةٌ، وَالتَّفْوِيضُ إلَى مَشِيئَتِهَا بِمَنْزِلَةِ التَّمْلِيكِ مِنْهَا فَتَقْتَصِرُ عَلَى الْجَوَابِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنْ أَرَدْت، أَوْ هَوَيْت، أَوْ أَحْبَبْت، أَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينَنِي، أَوْ تَبْغَضِينَنِي فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا كَمَا فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهَا إلَّا بِإِخْبَارِهَا فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِالْإِخْبَارِ بِذَلِكَ.

وَإِنْ قَالَتْ فِي ذَلِكَ لَسْت أُحِبُّك ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا أُحِبُّك لَمْ تُصَدَّقْ لِلتَّنَاقُضِ؛ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ قَدْ تَمَّ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ الْعِتْقَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ إذَا حِضْت كَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِخْبَارِ بِالْحَيْضِ عَلَى وَجْهٍ تَكُونُ صَادِقَةً فِيهِ إلَّا بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَرُبَّمَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَمَتَى قَالَتْ حِضْت عَتَقَتْ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ، وَفُلَانَةُ إنْ شِئْت فَقَالَتْ قَدْ شِئْت نَفْسِي لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شِئْت لَيْسَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهِ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ شِئْت عِتْقَكُمَا فَلَا يَتِمُّ الشَّرْطُ بِمَشِيئَتِهَا عِتْقَ نَفْسِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ: أَنْتُمَا حُرَّتَانِ إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ إنْ شِئْتُمَا عِتْقَكُمَا فَلَا يَتِمُّ الشَّرْطُ بِمَشِيئَةِ إحْدَاهُمَا وَلَا بِمَشِيئَتِهِمَا عِتْقَ إحْدَاهُمَا، وَلَوْ قَالَ: أَيَّتُكُمَا شَاءَتْ الْعِتْقَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَشَاءَتَا جَمِيعًا عَتَقَتَا؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ أَيٍّ تَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>