للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبَبَهُ إزَالَةُ مِلْكٍ لَا إلَى أَحَدٍ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى فِعْلُهُ إعْتَاقًا مَجَازًا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَمَّ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ يَعْقُبُهُ الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُوَّةِ لَا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمُزِيلُ مُلَاقِيًا لِلرِّقِّ، كَالْقَاتِلِ فِعْلُهُ لَا يَحِلُّ الرُّوحَ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ الْبِنْيَةَ، ثُمَّ بِنَقْضِ الْبِنْيَةِ تُزْهَقُ الرُّوحُ فَيَكُونُ فِعْلُهُ قَتْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَئِنْ كَانَ فِعْلُهُ إعْتَاقًا فَالْعِتْقُ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَى الْإِعْتَاقِ لَا يَتَجَزَّأُ، وَالْإِعْتَاقُ فِي نَفْسِهِ مُنَجَّزٌ حَتَّى يُتَصَوَّرَ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَالْعِتْقُ لِلْبَعْضِ إنَّمَا يُوجَدُ شَطْرُ الْعِلَّةِ فَيَتَوَقَّفُ عِتْقُ الْمَحَلِّ إلَى تَكْمِيلِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ إبَاحَةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ تَنْبَنِي عَلَى غَسْلِ أَعْضَاءٍ هِيَ مُتَجَزِّئَةٌ فِي نَفْسِهَا حَتَّى يَكُونَ غُسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ مُطَهِّرًا ثُمَّ يَتَوَقَّفُ إبَاحَةُ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى إكْمَالِ الْعَدَدِ، وَحُرْمَةُ الْمَحَلِّ لَا تَتَجَزَّى، وَإِنْ كَانَ يَنْبَنِي عَلَى طَلْقَاتٍ هِيَ مُتَجَزِّئَةٌ حَتَّى كَانَ الْمُوَقِّعُ لِلتَّطْلِيقَةِ، وَالتَّطْلِيقَتَيْنِ مُطَلِّقًا، وَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ عَلَى كَمَالِ الْعَدَدِ، فَهُنَا أَيْضًا نُزُولُ الْعِتْقِ فِي الْمَحَلِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَامِ الْعِلَّةِ بِإِعْتَاقِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ مُعْتَقًا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَقْتَضِي انْفِعَالَ الْعِتْقِ كَمَا قَالَ، وَلَكِنْ لَا يَقْتَضِي الِاتِّصَالَ بِالْإِعْتَاقِ بَلْ يَثْبُتُ اسْتِحْقَاقُ الْإِعْتَاقِ، وَيَتَأَخَّرُ ثُبُوتُهُ فِي الْمَحَلِّ إلَى إكْمَالِ الْعِلَّةِ فَأَمَّا الِاسْتِرْقَاقُ فَقَدْ قِيلَ يَحْتَمِلُ الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّي حَتَّى لَوْ فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً، وَرَأَى الصَّوَابَ فِي أَنْ يَسْتَرِقَّ أَنْصَافَهُمْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ، وَهُوَ الْقَهْرُ لَا يَتَجَزَّأُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ قَهْرُ نِصْفِ الشَّخْصِ دُونَ النِّصْفِ، وَالْحُكْمُ يَنْبَنِي عَلَى السَّبَبِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِيلَادُ سَبَبُهُ لَا يَتَجَزَّأُ، وَهُوَ نَسَبُ الْوَلَدِ فَأَمَّا عِتْقُ الْجَنِينِ عِنْدَ إعْتَاقِ الْأُمِّ لَيْسَ لِأَجْلِ الِاتِّصَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إعْتَاقَ الْجَنِينِ لَا يُوجِبُ إعْتَاقَ الْأُمِّ وَالِاتِّصَالُ مَوْجُودٌ، وَلَكِنَّ الْجَنِينَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا كَيَدِهَا، وَرِجْلِهَا، وَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي التَّبَعِ ثُبُوتُهُ فِي الْمَتْبُوعِ وَأَحَدُ النِّصْفَيْنِ لَيْسَ بِتَبَعٍ لِلنِّصْفِ الْبَاقِي فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ إعْتَاقُ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مُوجِبًا لِلْعِتْقِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي.

فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ جَازَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَلِلسَّاكِتِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ فَإِذَا أَدَّى السِّعَايَةَ إلَيْهِ عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ نِصْفَ قِيمَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ خِيَارَانِ: إنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى، وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ الشَّرِيكِ إلَّا عَلَى قَوْلِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ، وَالْقِيَاسُ فِي أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَمَّا وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُعْتِقِ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ يُفْسِدُ عَلَى الشَّرِيكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>