فَإِنْ كَانَتْ مَصْرُورَةً فِي دَاخِلِهِ فَإِنْ طَرَّ الصُّرَّةِ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقَطْعِ يَبْقَى الْمَالُ فِي الْكُمِّ حَتَّى يُخْرِجَهُ، وَإِنْ حَلَّ الرِّبَاطَ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ الرِّبَاطَ يَبْقَى الْمَالُ خَارِجًا مِنْ الْكُمِّ فَلَمْ يُوجَدْ إخْرَاجُ الْمَالِ مِنْ الْكُمِّ وَالْحِرْزُ، وَإِنْ كَانَ مَصْرُورًا ظَاهِرًا، فَإِنَّ طُرًّا لَمْ يُقْطَعْ لِانْعِدَامِ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ، وَإِنْ حَلَّ الرِّبَاطَ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ يَبْقَى فِي الْكُمِّ بَعْدَ الرِّبَاطِ حَتَّى يُدْخِلَ يَدَهُ فَيُخْرِجَهُ وَتَمَامُ السَّرِقَةِ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ مِنْ الْحِرْزِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَقْطَعَهُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مُحْرَزٌ بِصَاحِبِهِ وَالْكُمُّ تَبَعٌ لَهُ وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الطَّرَّارِ وَالنَّبَّاشِ فَقَالَا: اخْتِصَاصُ الطَّرَّارِ بِهَذَا الِاسْمِ لِمُبَالَغَةٍ فِي سَرِقَتِهِ؛ لِأَنَّ السَّارِقَ يُسَارِقُ عَيْنَ حَافِظِهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَغَفْلَتِهِ عَنْ الْحِفْظِ وَالطَّرَّارَ يُسَارِقُ عَيْنَ الْمُنْتَبِهِ فِي حَالِ إقْبَالِهِ عَلَى الْحِفْظِ فَهُوَ زِيَادَةُ حِذْقٍ مِنْهُ فِي فِعْلِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ فِعْلَهُ أَتَمُّ مَا يَكُونُ مِنْ السَّرِقَةِ فَيَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، فَأَمَّا النَّبَّاشُ لَا يُسَارِقُ عَيْنَ الْمُقْبِلِ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ أَوْ الْقَاصِدِ لِذَلِكَ بَلْ يُسَارِقُ عَيْنَ مَنْ يَهْجُمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَصْدٌ إلَى حِفْظِ الْكَفَنِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى النُّقْصَانِ فِي فِعْلِ السَّرِقَةِ، فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ
(قَالَ) وَإِنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَوُجُوبُ الْقَطْعِ يَخْتَصُّ بِسَرِقَةِ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حُلِيٌّ كَثِيرٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحُلِيِّ نِصَابٌ كَامِلٌ لَوْ سَرَقَهُ وَحْدَهُ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ فَكَذَا مَعَ الصَّبِيِّ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحُلِيُّ دُونَ الصَّبِيِّ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحُلِيَّ تَبَعٌ لِلصَّبِيِّ وَالْأَصْلُ يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ فَالتَّبَعُ مِثْلُهُ، وَلِأَنَّ لَهُ تَأْوِيلًا فِي أَخْذِهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: كَانَ يَبْكِي فَأَخَذْته لِأُسْكِتَهُ أَوْ أَحْمِلَهُ إلَى مَوْضِعِ أَهْلِهِ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَوَجَدَ فِي جَيْبِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَصْرُورَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا لَمْ أَقْطَعْهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِهَا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ سَرِقَتَهُ قَدْ تَمَّتْ فِي نِصَابٍ كَامِلٍ، وَلَكِنَّا نَقُولُ السَّارِقُ إنَّمَا قَصَدَ إخْرَاجَ مَا يَعْلَمُ بِهِ دُونَ مَا لَا يَعْلَمُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ قَصْدُهُ أَخْذَ الثَّوْبِ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَهُوَ لَيْسَ بِنِصَابٍ كَامِلٍ، وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِالدَّرَاهِمِ فَقَصْدُهُ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ
(قَالَ) وَلَوْ سَرَقَ جِرَابًا فِيهِ مَالٌ أَوْ جُوَالِقًا فِيهِ مَالٌ أَوْ كِيسًا فِيهِ مَالٌ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ وِعَاءٌ يُوضَعُ فِيهِ الْمَالُ فَمَقْصُودُ السَّارِقِ الْمَالُ دُونَ الْوِعَاءِ، فَأَمَّا الْقَمِيصُ وَنَحْوُهُ مِنْ الثِّيَابِ لَيْسَ بِوِعَاءٍ لِلْمَالِ فَكَانَ قَصْدُهُ سَرِقَةَ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْمَالِ الْمَصْرُورِ فِيهِ فَحِينَئِذٍ يُعْلَمُ أَنَّ قَصْدَهُ الْمَالُ دُونَ الثَّوْبِ لِمَا اخْتَارَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الثِّيَابِ مَعَ الْعِلْمِ
(قَالَ) وَإِنْ سَرَقَ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ بَالِغًا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute