للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَئِذٍ» وَنَحْنُ نَقُولُ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا بِدُونِ الْحَاجَةِ الْأَوْلَى مَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالسَّوَادِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَلَا قَوْلَ أَبْعَدَ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ فِي الْجِزْيَةِ الْخُمُسَ «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَالْحُلَلَ مِنْ بَنِي نَجْرَانَ» وَقَالَ لِمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ وَحَالِمَةٍ دِينَارًا وَلَمْ يُخَمِّسْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» فَدَلَّ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْجِزْيَةِ.

وَإِذَا قَسَّمَ الْغَنِيمَةَ ضَرَبَ لِلْفَارِسِ بِسَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ بِسَهْمٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَفِي قَوْلِهِمَا وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُضْرَبُ لِلْفَارِسِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْحِجَازِ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعُمَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «أَنَّهُ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ» «وَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَكَانَتْ الرِّجَالُ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَالْخَيْلُ مِائَتَيْ فَرَسٍ وَبِاسْمِ كُلِّ مِائَةٍ سَهْمٌ» فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ جَعَلَ سَهْمَ الْفَرَسِ ضِعْفَ سَهْمِ الرَّجُلِ وَعِنْدَ تَعَارُضِ الْأَخْبَارِ الْمَصِيرُ إلَى مَا رَوَيْنَا أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ وَلِأَنَّهُ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ فَهُمْ أَعْرَفُ بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ثُمَّ مُؤْنَةُ الْفَرَسِ أَعْظَمُ مِنْ مُؤْنَةِ الرَّجُلِ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِاعْتِبَارِ الْتِزَامِ الْمُؤْنَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَسَّمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِفَرَسِهِ» وَعُبَيْدُ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَفِي حَدِيثِ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهَا الْمِقْدَادِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْهَمَ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ سَهْمَيْنِ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِفَرَسِهِ».

وَفِي حَدِيثِ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ يَوْمَ خَيْبَرَ سَهْمَيْنِ» وَمَا رَوَوْا «أَنَّهُ قَسَّمَ خَيْبَرَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا» صَحِيحٌ لَكِنْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَيْلَ كَانَتْ ثَلَثَمِائَةٍ وَلَوْ ثَبَتَ مَا رَوَوْا فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَانَتْ الْخَيْلُ مِائَتَيْ فَرَسٍ الْخَيْلُ بِفُرْسَانِهَا وَالرِّجَالُ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ أَيْ الرَّجَّالَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجْلِكَ} [الإسراء: ٦٤] أَيْ بِفُرْسَانِك وَرَجَّالَتِك وَقَالَ تَعَالَى {يَأْتُوك رِجَالًا} [الحج: ٢٧] أَيْ رَجَّالَةً فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ النَّاسَ كَانُوا أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ فَإِذَا كَانَ بِاسْمِ كُلِّ مِائَةٍ سَهْمٌ كَانَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ ثُمَّ الْمَصِيرُ إلَى مَا رَوَيْنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ وَمَا رَجَحَ بِهِ مِنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ مُتَعَارِضٌ فَفِيمَا رَوَيْنَا إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ فِي نَصِيبِ الرَّاجِلِ ثُمَّ فِي هَذَا تَفْضِيلُ الْبَهِيمَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>