للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَاتِهَا فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهَا بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَيَعْرِضَ بِوَجْهِهِ عَنْ ذِرَاعَيْهَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا دُونَ ذِرَاعَيْهَا وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ زَوْجُهَا لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْأَجْنَبِيِّ كَمَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي امْرَأَةٍ لَهُ هَلَكَتْ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا حِينَ كَانَتْ حَيَّةً فَأَمَّا إذْ مَاتَتْ فَأَوْلِيَاؤُهَا أَحَقُّ بِهَا

وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ لَيْسَ فِيهِنَّ امْرَأَتُهُ يَمَّمْنَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا إلَّا أَنَّ مَنْ تُيَمِّمُهُ إذَا كَانَتْ حُرَّةً تُيَمِّمُهُ بِخِرْقَةٍ تَلُفُّهَا عَلَى كَفِّهَا لِأَنَّهُ مَا كَانَ لَهَا أَنْ تَمَسَّهُ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً تُيَمِّمُهُ بِغَيْرِ خِرْقَةٍ لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا أَنْ تَمَسَّهُ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْأَمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَأَمَتُهُ وَأَمَةُ غَيْرِهِ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ انْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ كَافِرٌ عَلَّمْنَهُ الْغُسْلَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ الرِّجَالِ أَمَةٌ كَافِرَةٌ عَلَّمُوهَا الْغُسْلَ لِتُغَسِّلَهَا لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْمُوَافَقَةِ فِي الدِّينِ وَالْمُخَالَفَةِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَعْرِفُ سُنَّةَ غُسْلِ الْمَوْتَى فَيُعَلَّمُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُنَّ صِبْيَةٌ صِغَارٌ لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ الشَّهْوَةِ عَلَّمُوهُمْ غُسْلَ الْمَوْتَى لِيُغَسِّلُوهَا وَهَذَا عَجِيبٌ فَالرِّجَالُ قَدْ يَعْجِزُونَ عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ فَكَيْفَ يَقْوَى عَلَيْهِ الصِّغَارُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ الشَّهْوَةِ وَلَكِنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ بَيَانُ الْحُكْمِ أَنْ تُصُوِّرَ

فَإِنْ ارْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ فَجَرَبِهَا ابْنُهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ حِلَّ الْمَسِّ وَالْغُسْلِ هَهُنَا بِاعْتِبَارِ الْعِدَّةِ حَتَّى لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ وَبِمَا اعْتَرَضَ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ الْعِدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَارِضُ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّ الْحِلَّ هُنَاكَ بِاعْتِبَارِ النِّكَاحِ وَقَدْ ارْتَفَعَ بِهَذَا الْعَارِضِ.

(وَحُجَّتُنَا) فِي ذَلِكَ: إنَّ رِدَّتَهَا وَفِعْلَ ابْنِ الزَّوْجِ بِهَا لَوْ صَادَفَ حِلًّا مُطْلَقًا كَانَ رَافِعًا لَهُ فَكَذَلِكَ إذَا صَادَفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْحِلِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ حِلُّ الْغُسْلِ وَالْمَسِّ فَيَكُونُ رَافِعًا لَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَا نَقُولُ أَنَّ هَذَا الْحِلَّ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَالْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ لَا يُفِيدُ حِلَّ الْغُسْلِ وَالْمَسِّ وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ لَوْ أَسْلَمَ وَمَاتَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ عِنْدَ زُفَرَ وَلَهَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَزُفَرُ يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْمَوْتِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا حِلُّ الْغُسْلِ وَالْمَسِّ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُخْتِ وَقَاسَ بِحُكْمِ الْفِرَارِ فِي الْمِيرَاثِ فَإِنَّهَا لَوْ أُعْتِقَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ لَمْ تَرِثْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ أُعْتِقَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ الْحِلُّ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا بَعْدَ وَطْءِ الْأُخْتِ وَلَكِنَّ عِدَّتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>