إلَيْهِمْ شَيْئًا حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَوْتِهِ قَبْلَ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ عَلَى ذِي الْيَدِ، وَمُجَرَّدُ قَوْلِهِمْ لَا يَكْفِي لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ لَهُمْ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَإِنَّ أَبَاهُمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ فَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الثُّلُثَ مِيرَاثًا مِنْ الْجَدِّ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْجَدَّ فَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ النِّصْفَ مِيرَاثًا مِنْ أَبِيهِمْ، وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ لَهُمْ بِشَيْءٍ قَبْلَ ظُهُورِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِهِ قَبْلَ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لِمَنْ هَذَا الْمَالُ، وَنَفَقَتُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي مَالِ أَبِيهِمْ، وَالْمِلْكُ لِأَبِيهِمْ فِي هَذَا الْمَالِ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْجَدِّ. فَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَرْضًا فِي أَيْدِي الِابْنَتَيْنِ وَوَلَدِ الِابْنِ فَأَقَرُّوا جَمِيعًا أَنَّ الِابْنَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَاقْتَسَمُوا الْأَرْضَ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَوْا أَنَّهُ مَفْقُودٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي الْقِسْمَةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا تَمَّتْ بِتَرَاضِيهِمْ، وَقَوْلُهُمْ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ مَقْبُولٌ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ مَاضِيَةً، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ مَفْقُودٌ لِأَنَّهُمْ مُنَاقِضُونَ فِي ذَلِكَ، وَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمُنَاقِضِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي وَلَدِ الِابْنِ رَجُلٌ غَائِبٌ لَمْ يَشْهَدْ الْقِسْمَةَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَدِمَ فَقَالَ: وَالِدِي مَفْقُودٌ، وَأَرَادَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ بِمُقَابِلَتِهِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي الْمِلْكَ لِلْمَفْقُودِ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ لَهُ، وَلَا وَارِثَ لِأَنَّهُ حَيٌّ، وَنَقْضُ الْقِسْمَةِ بِقَوْلِ مَنْ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِنَفْسِهِ حَقًّا، وَهُوَ إبْقَاءُ يَدِهِ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَقِسْمَتُهُمْ قَبْلَ حُضُورِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْغَائِبِ صَغِيرٌ فَأَدْرَكَ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ قَبْلَ جَدِّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ فَيَقْسِمُهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمْ قِسْمَةً مُسْتَقْبَلَةً بِإِقْرَارِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ بَعْضَ الْمِلْكِ هُنَا، وَيَدَّعِي بُطْلَانَ قِسْمَتِهِمْ؛ لِأَنَّ تَرَاضِيهِمْ عَلَى الْقِسْمَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْجَدِّ لَا يُعْمَلُ بِهِ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ، وَهُمْ مُصَدِّقُونَ لَهُ فِيمَا يَدَّعِي، فَلِهَذَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي قَسَمَهُ بَيْنَ الْحُضُورِ، وَعَزَلَ نَصِيبَ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرَةِ، فَإِنَّهُ يُنَفِّذُ قِسْمَتَهُ فِي حَقِّهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ لِأَنَّ لِلْقَاضِي نَوْعَ وِلَايَةٍ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تِلْكَ الْوِلَايَةُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ، وَلَوْ مَاتَتْ ابْنَةُ هَذَا الِابْنِ الْمَفْقُودِ فَإِنْ كَانَ مِيرَاثُهَا فِي يَدِ أَخِيهَا لَمْ أَتَعَرَّضْ لَهُ، وَلَمْ أَقِفْ مِنْهُ شَيْئًا لِلْمَفْقُودِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَحَيٌّ هُوَ فَيَكُونُ وَارِثًا أَوْ مَيِّتٌ فَلَا يَكُونُ وَارِثًا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِيَدِ ذِي الْيَدِ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمِ. وَإِنْ كَانَ مِيرَاثُهَا فِي يَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute