للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَقُولُ: إذَا اشْتَرَى الْآخَرُ بِمَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرَى عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ مَا نَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ. فَحَيْثُ قَالَ: يَكُونُ الْبَاقِي مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَا الشَّرِكَةَ؛ فَيَكُونُ الْمُشْتَرَى بِمَالِ أَحَدِهِمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ قَضِيَّةِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَقَدْ بَطَلَتْ بِهَلَاكِ مَالِ أَحَدِهِمَا؛ فَيَكُونُ الْآخَرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ. وَحَيْثُ قَالَ: الْمُشْتَرَى بِمَالٍ آخَرَ، لَا بَيْنَهُمَا. وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا صَرَّحَا عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَالِهِ هَذَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. وَعِنْدَ هَذَا التَّصْرِيحِ الشَّرِكَةُ فِي الْمُشْتَرَى مِنْ قَضِيَّةِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ وَكَّلَ صَاحِبَهُ بِالشِّرَاءِ بِمَالِهِ نَصًّا عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْمُشْتَرَى لَهُ. وَالشَّرِكَةُ وَإِنْ بَطَلَتْ بِهَلَاكِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ فَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ النِّصْفَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَبَيَّنُ لَكَ صِحَّةُ الْجَوَابِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى الْفَرْقِ، وَمِنْ غَيْرِ تَنَاقُضٍ فِي الْجَوَابِ.

قَالَ: (فَإِنْ اشْتَرَيَا مَتَاعًا عَلَى الْمَالِ فَنَقَدَا الثَّمَن مِنْ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّنَانِيرُ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهَا خَاصَّةً)؛ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ، وَالْمُشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ كَانَتْ قَائِمَةً بَيْنَهُمَا حِينَ اشْتَرَيَا بِالدَّرَاهِمِ وَصَارَ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا؛ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِهَلَاكِ الدَّنَانِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ عَلَى صَاحِبِ الدَّنَانِيرِ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْقَدْرَ لَهُ بِوَكَالَتِهِ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. وَإِنَّمَا رَضِيَ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرُ بِالدَّنَانِيرِ لَهُمَا، وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. فَإِذَا فَاتَ ذَلِكَ رَجَعَ بِمَا نَقَدَ مِنْ ثَمَنِ حِصَّتِهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ، (ثُمَّ) لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ شَرِكَتَهُمَا فِي الْمَتَاعِ الْمُشْتَرَى شَرِكَةُ عَقْدٍ أَوْ شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - " فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ شَرِكَةُ عَقْدٍ حَتَّى إذَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا نَفَذَ بَيْعُهُ فِي الْكُلِّ، " وَعِنْدَ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " هِيَ شَرِكَةُ مِلْكٍ حَتَّى لَا يَنْفُذَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا إلَّا فِي حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَقْدِ قَدْ بَطَلَتْ بِهَلَاكِ الدَّنَانِيرِ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مَا هُوَ حُكْمُ الشِّرَاءِ - وَهُوَ الْمِلْكُ -؛ فَكَانَتْ شَرِكَتُهُمَا فِي الْمَتَاعِ شَرِكَةَ مِلْكٍ. وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ هَلَاكَ الدَّنَانِيرِ كَانَ بَعْدَ حُصُولِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالدَّرَاهِمِ - وَهُوَ الشِّرَاءُ بِهَا -؛ فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا شَرِكَةَ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْهَلَاكُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ جَمِيعًا.

قَالَ: (فَإِنْ اشْتَرَيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>