للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ جَمِيعًا مَتَاعًا فَالْمَتَاعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا). وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي شَرْطِ الرِّبْحِ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَفِي وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي يُعْتَبَرُ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَفِي ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي نَصِيبِهِمَا أَوْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا يُعْتَبَرُ قِيمَةُ رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ رَأْسُ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الْجَامِعِ.

قَالَ: (وَإِنْ اشْتَرَيَا بِالْأَلْفِ مَتَاعًا، ثُمَّ اشْتَرَيَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّنَانِيرِ مَتَاعًا، فَوَضَعَا فِي أَحَدِ الْمَتَاعَيْنِ وَرَبِحَا فِي الْآخَرِ، فَذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا)؛ لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ هَلَاكُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ، وَالرِّبْحُ كَالْمَالِ، فَيَكُونُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ مَا لَمْ يُغَيَّرْ ذَلِكَ بِشَرْطٍ صَحِيحٍ.

(وَكَذَلِكَ) رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكُرِّ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْمَتَاعِ بِحِصَّةِ الْأَلْفِ، وَلِلْآخَرِ بِحِصَّةِ الْكُرِّ، وَدَفَعَا الثَّمَنَ، فَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ؛ لِمُقْتَضَى مُطْلَقِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الشِّرَاءِ يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ مِنْ الْمُبْدَلِ بِقَدْرِ مَا نَقَدَهُ مِنْ الْبَدَلِ.

(وَكَذَلِكَ) لَوْ اشْتَرَيَا مَتَاعًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ، فَكَالَ أَحَدُهُمَا كُرَّ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَتَاعِ بِحِصَّتِهِ، وَكَالَ الْآخَرُ الشَّعِيرَ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَتَاعِ بِحِصَّتِهِ، ثُمَّ بَاعَا ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ؛ فَإِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ يَوْمَ يَقْتَسِمَانِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، قَالَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَقْتَسِمَا ذَلِكَ عَلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الشِّرَاءِ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ فِي وُقُوعِ الْمِلْكِ فِي الْمُشْتَرَى يُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَ الشِّرَاءِ. فَإِنَّمَا يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمَتَاعِ الْمُشْتَرَى بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ. ثُمَّ إذَا بَاعَ ذَلِكَ فَثَمَنُ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ لَهُ كَمَا فِي الْعُرُوضِ لَوْ اشْتَرَيَا مَتَاعًا بِعَرَضَيْنِ أَحْضَرَاهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَرَضٌ، ثُمَّ بَاعَا ذَلِكَ الْمَتَاعَ بِدَرَاهِمَ اقْتَسَمَا الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ عَرَضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الشِّرَاءِ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا بَاعَا الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً، فَحِينَئِذٍ الثَّمَنُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا وَقْتَ الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ؛ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى بِالْعُرُوضِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ فِي الْمُشْتَرَى بِمَالِهِ مِثْلٌ مِنْ جِنْسِهِ، فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعُرُوضِ وَقْتَ الشِّرَاءِ بِهَا، وَلَكِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ بَعِيدٌ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: ثُمَّ بَاعَا ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى حُكْمِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بَعْدَ هَذَا.

فَقَالَ: إذَا اشْتَرَيَا بِالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَبَاعَاهُ مُرَابَحَةً اسْتَوْفَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ الَّذِي كَالَهُ، أَوْ وَزَنَهُ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى قِيمَةِ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ بَاعَاهُ مُرَابَحَةً بِمَالٍ مُسَمًّى، وَإِنْ بَاعَاهُ بِرِبْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>